الدهريز

كنوز الذاكرة الشعبية 3-1

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمثل التاريخُ العام سجلاً حافلاً لمُجريات أحداث الماضي البعيد والقريب، وكل يوم يمضي تصبح حوادثُه في الغد جزءاً من التاريخ.

وهذا السجل التليد هو حقلُ تجارب البشرية الخصبُ، يستلهم منه قادةُ الأمم ومفكروها وحكماؤها ما يهديهم إلى النهج السديد في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية وكافة شؤون الحياة المتجددة، فهو معينٌ لا ينضب ومنجمٌ لا يفنى من الخبرات المتراكمة، يبوء من يتجاهلها أو يستغني عنها بالخسران المبين، فيكرر أخطاء الماضي دون وعي أو بصيرة.

وإذا كانت المدونات التاريخية والوثائق الوفيرة والآثار المادية تمثل مصادرَ رئيسيةً للمعلومات عن مسيرة البشرية وحضاراتها المتعاقبة؛ فإن التاريخ الشفاهي يعتبر هو الآخرُ مصدراً لا يقل عنها أهميةً في رفد الباحثين بكنوز من المعلومات، وخصوصاً في بلاد حديثة النهوض كدولة الإمارات.

إضافة إلى السجلات البريطانية الغنية، والتي تعبّر عن وجهة نظر بريطانيا التي فرضت هيمنتها الاستعمارية على حوض الخليج العربي عامة والإمارات خاصة خلال الفترة من (1820 -1971م)، هناك المصادر التاريخية المدونة بأيدي أبنائها خلال فترة ما قبل الاتحاد وهي قليلة، ولعل أهمها مؤلفات:

الكاتب يوسف بن محمد الشريف (توفي حوالي عام 1917م)، والشيخ محمد بن سعيد بن غباش المري (توفي 1969م). وكلاهما من إمارة رأس الخيمة، والشيخ عبدالله بن صالح المطوع، من إمارة الشارقة (توفي 1958م)، والكاتب حميد بن سلطان الشامسي، من أم القيوين (ت 1980م).

وقد استحوذت الأحداث السياسية على اهتمام هؤلاء المؤلفين، وقليلاً ما وثقوا أحداثاً تتناول جوانب الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية، ولعل أكثرهم اهتماماً بمثل هذه الجوانب المرحوم حميد بن سلطان الشامسي في كتابه (نقل الأخبار في وفيات المشايخ وحوادث هذه الديار)، والذي حققه الدكتور فالح حنظل ونشر عام 1986.

Email