الإمارات وطن المبادرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يأتي نجاح الدول من فراغ، بل ينطلق من مقومات عديدة تصنع هذا النجاح والتألق، منها روح المبادرة، والمبادرات هي عبارة عن برامج وأنشطة ومشاريع جديدة مثمرة ذات أهداف محددة على المدى القريب من خلال خطة معينة، وكلمة المبادرة تستدعي الروح الاستباقية في طرح هذه البرامج، لتكون مناسبة من جهة مضمونها وتوقيتها، وتساهم بشكل فاعل في تحقيق منفعة أو تطوير وضع أو علاج مشكلة.

ومن أسرار نجاح دولة الإمارات وريادتها وجود قيادة حكيمة ترعى هذا الوطن بإخلاص وتفان، وتتحلى بمزايا كثيرة تجعلها صانعة إنجازات بحق، من أهمها روح المبادرة والإبداع فيها، يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله: «الإنسان أمامه خياران: إما أن يكون تابعاً أو مبادراً، ونحن نرغب في أن نكون مبادرين ومتقدمين».

ولذلك تزخر دولة الإمارات بالمبادرات الوطنية المتجددة بصورة مستمرة، التي لها أمثلة كثيرة تعجز هذه السطور عن تعدادها وحصرها، مثل: مبادرة القراءة والتربية الأخلاقية وعام الخير واستئناف الحضارة وصناع الأمل وغيرها، وفي طيات هذه المبادرات النوعية مبادرات متفرعة كثيرة، فقد اشتملت الاستراتيجية الوطنية لعام الخير على أكثر من ألف مبادرة وبرنامج، كما تتميزت الدولة بإطلاق المبادرات العالمية واستضافة المبادرات الدولية، لمواجهة التحديات التي تواجه العالم، مثل التطرف والإرهاب ومشكلات المناخ وغيرها.

وقد سرت هذه الروح الإيجابية في كيان مؤسسات الدولة، فأصبحت متميزة بروح المبادرات المتألقة، التي نشهدها على أرض الواقع وفي المنابر الإعلامية، بعضها متعلق بالصحة مثل مبادرة «جسدك أمانة»، وبعضها بالوعي المروري مثل مبادرة «حياتك أمانة» و«أقدر أقود بأمان»، إلى غير ذلك من المبادرات الكثيرة في المجالات المتعددة.

ومن مميزات المبادرات في دولة الإمارات أنها إنجازات، فهي تبدأ بأفكار جميلة، سرعان ما تتحول إلى برامج ومشاريع مبدعة، لتنتهي بإنجازات سريعة مشهودة، وهي ذات تميز خاص، فهي كثيرة من جهة الكم، متميزة من جهة النوع، متنوعة من جهة المجال، سامية من جهة الأهداف والمخرجات، وديناميكية من جهة تأثيرها الإيجابي الفعال، واستمراريتها المتجددة دون انقطاع، لتصنع وطناً عاملاً ومجتمعاً حيوياً يعمل للارتقاء والتطوير كخلية نحل.

ومن مميزات المبادرات الإماراتية أيضاً أنها ذات أولوية، فهي تعايش الواقع وظروفه، وتلامس حاجات الناس وهمومهم، وتهدف إلى إحداث التغيير الإيجابي في المجتمع تطويرًا وتنميةً وإصلاحاً، لأنها تنطلق من معايشة القيادة لهموم الوطن وأبنائه والمقيمين عليه، وتطلعها المستمر لتحقيق الأفضل لهم في مختلف المجالات، وتحقيق الريادة لهذا الوطن ليتربع على عرش الصدارة العالمية، وما يتطلبه ذلك من الروح الاستباقية والاستشرافية التي تدفع إلى المعاجلة بطرح البرامج والأنشطة التطويرية.

ومن مميزات هذه المبادرات أيضا أنها مؤطرة بالعمل المؤسسي، فهي ذات عمل منظم بعيد عن العشوائية، وذات مسار منضبط في ظل القيادة الحكيمة، لتحقق المنافع المرجوة منها، وذات تفاعل وتفعيل للشراكة المجتمعية، فالمؤسسات والمجتمع شريكان في إنجاح المبادرات.

وللمبادرات الوطنية ثمرات كثيرة، فهي تساهم في بناء مجتمع حيوي منتج، قائم على مبدأ التعاون والتشارك في خير الفرد والمجتمع والبلاد، مؤمن بالمسؤولية الاجتماعية، متسلح بالعلم والمعرفة، متحل بروح الإبداع والتفكير البنَّاء، كما أن هذه المبادرات من شأنها استثمار الطاقات البشرية، ليكون الأفراد جميعا فاعلين نافعين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أحب الناس إلى الله -وفي رواية: خير الناس- أنفعهم للناس»، وقال نبي الله عيسى عليه السلام: {وجعلني مباركاً أين ما كنت} أي: نفَّاعاً حيث ما توجهت.

والمبادرات فرص ذهبية للارتقاء والتطور في مختلف المجالات، فيجدر اغتنامها، فإن الأمة المبادرة هي من تصنع النجاح والتميز، ونبينا الكريم عليه السلام الأسوة الحسنة في هذا المضمار، فهو سيد المبادرين إلى فعل الخير وبذل المعروف والتفاني في العطاء، يقول عقبة بن عامر رضي الله عنه: صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر، فسلَّم، ثم قام مسرعاً، فتخطَّى رقاب الناس إلى بعض حُجَر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم عجبوا من سرعته، فقال: «ذكرتُ شيئاً من تبر -أي: ذهب- عندنا، فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته»، وصدق الله الذي مدح أنبياءه الكرام بقوله: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات}، وقال جل وعلا حاضاً المؤمنين على روح المبادرة: {فاستبقوا الخيرات}.

 

 

Email