محنة المهاجرين في أميركا

ت + ت - الحجم الطبيعي

هو يوم حزين بالتأكيد عندما توجب على 13% من الشعب التظاهر بالتخفي، وكان هذا بمناسبة الحدث، الذي نظمته الوسائط الاجتماعية، للتركيز على محنة نحو أربعين مليون أجنبي ولدوا في وسطنا، منهم 10 ملايين ليست لهم قيود قانونية.

ليوم واحد فقط تغيّب جزء مهم من المهاجرين في الولايات المتحدة عن العمل، وكانت الكثير من الفصول الدراسية فارغة، ولم تنشط أطقم العمل، ولم يطهُ الطهاة، والخدم لم يخدموا في ذلك الحين، وكان يتوجب على محال «ماكدونالدرز» أن تغلق أبوابها أيضاً، وللأسف كانت هذه ومضة حزينة.

وفي اليوم التالي ظهر التنافر المعرفي الأميركي، الذي طال أمده بشأن الهجرة على شاشة التلفزيون، وتحدثت «الأسوشيتد برس» عن مذكرة مسربة، من خلال مصدر وثيق في إدارة ترامب، يناقش الخطط الموضوعة لاستخدام قوات الحرس الوطني لاعتقال المهاجرين غير الموثقين قانونياً، وعلى الفور وصفت الإدارة هذا الأمر بالكذب، وبأنه «أخبار ملفقة»، إلا أن هذا الأمر بدا خطة جيدة لبعضهم.

الوقت ملائم الآن للاعتراف لماذا تبدو الحملات ضد المهاجرين جيدة في أجزاء كبيرة من أميركا. نحن نتمسك بكمية ملائمة من الحقيقة عن ماضي مهاجرينا، ويخرج الأميركيون من مخزون لافت للنظر.

ومثير للقلق حتى الآن، ويعتبر أغلب الأميركيين المهاجرين أنهم مجموعة من المغفلين الآتين من أماكن أخرى، ونحتفل دائماً بكل شيء بدءاً من الخطابات التلفزيونية الترويجية، وهي محفورة أيضاً على النصب التذكارية الوطنية: «امنحني تعبك وفقرك وجماهيرك المحتشدة».

ومع ذلك فإننا نحب إعادة صياغة التاريخ، لا سيما تاريخ العائلات، لإدراك السبب الإيجابي لاستعراض الوافدين الجدد، لا سيما أن هؤلاء من المفترض أن نعتبرهم موجودين بشكل غير قانوني، وحاضرين على هيئة أشخاص أقل قيمة من غيرهم.

أنت تعرف هذه الممارسات. في أميركا، ما من أحد يعتقد بحق أن الأسلاف عانوا كي يتعلموا اللغة الإنجليزية. لا، نحن نتخيل أن أجدادنا الكبار أتوا إلى هنا رغبة منهم كي يكونوا أميركيين بدلاً من البحث عن أجور أعلى أو أرض زهيدة الثمن، أو للهرب من الجوع، أو كي يصبحوا أغنياء.

لقد وصلوا بشكل قانوني. لا تنسى ذلك. هذه أكبر مهزلة. أي أحد لم يلتق بالفعل أسلاف المهاجرين يعتقد أن شجرة العائلة قد فحصت، ووجدت أنها مختلة عقلياً وجسدياً.

وفي الحقيقة، فإن مستوى تفتيش المهاجرين توسع كثيراً بالاعتماد على وقت وصولهم والمكان، الذي أتوا منه وكم كان في جيوبهم من قطع نقدية، وراقبت الولايات بدلاً من الحكومة الفيدرالية المهاجرين حتى عام 1980، ونحو 2% من المهاجرين الذين أتوا من جزيرة «إيليس» غادروا هذا المكان.

لو أننا لم ننسج روايات خطأ عن الماضي لربما كنا أكثر رغبة في فهم ماهية الاضطرابات السياسية الحالية المتعلقة بالهجرة، ولكن في اليوم التالي أعيد تفجير هذه المسألة، وتبين أن لدينا تاريخاً عريقاً في تفضيل المهاجرين من دول معينة، ومن أعراق وأديان معينة مقارنة مع آخرين، وإقامة الحواجز الانتقائية للمرور القانوني.

ويمكن للولايات المتحدة أن تفعل أفضل من ذلك، إذ يمكنها منع جزء كبير من الناس غير الموثقين ليس من خلال تشييد الجدران فقط، بل من خلال السياسات والقانون التي تسمح بالفعل للهجرة بأن تكون مرنة بالنظر إلى الحاجة الماسة للعمالة، سواء كانوا من ذوي المهارات المتدنية أو العالية.

ولطالما كان المهاجرون فئة مختارة. المسألة لا تتعلق عادة بالأمور غير المنضبطة، بل بالذين يختارون اقتلاع أنفسهم من البيئة المحلية، والمغامرة للبدء من جديد.

من المألوف القول إن المهاجرين شيدوا هذا الوطن بسواعدهم الجبارة، لقد استقروا في البراري وحفروا القنوات، ونصبوا السكك الحديدية، واستخرجوا الفحم وعملوا في مصانع الصلب والمسالخ، التي جعلت أميركا غنية.

وواصل هؤلاء المهاجرين الإسهام بقدر كبير من الخدمات على جميع المستويات الاقتصادية، ولا يزال بإمكاننا التمتع بهذه المزايا، بينما ننهمك بتوضيح المسألة المتعلقة بسياسة الهجرة الأميركية، وتشويه صورة المهاجرين ليست الطريقة المثلى، كما أن معاملة الشرطة القاسية للمهاجرين أو اتخاذ الإجراءات الرادعة ضدهم ليست هي الحل.

تعليل الأسباب وإحقاق العدل والاهتمام الواضح بمصالحنا الوطنية هي القيم التي يجب أن توجهنا.

يواصل المهاجرون الإسهام بقدر كبير على جميع المستويات الاقتصادية، ولا يزال بإمكاننا التمتع بهذه المزايا، بينما نوضح مسألة سياسة الهجرة الأميركية، فأن تشويه صورة المهاجرين ليست الطريقة المناسبة، والشرطة القاسية أو العمل العسكري ليس الحل، العدل والإمساك الواضح بمصالحنا الوطنية هي القيم التي يجب أن تقودنا.

 

Email