ما الذي تريده طهران وحلفاؤها؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتساوى ما يفعله الدواعش والإخوان من ناحية، مع ما يفعله النظام في طهران، والجماعات المرتبطة به من ناحية أخرى، من حيث المحاولات المستميتة لزرع الفتنة الطائفية، وإغراق الدول العربية في جحيم الفوضى والحروب الأهلية.

لا فرق بين الطرفين، الإخوان والدواعش يدعون أنهم، وحدهم، المسلمون وتحت وهم استعادة الخلافة يضربون فكرة الدولة الوطنية، ويعلنون العداء للعروبة، ولعلنا ما زلنا نذكر شتيمة مرشد الإخوان السابق لوطنه مصر،، ولعلنا نذكر أيضاً اعتراف قادتهم بأنهم صلوا ركعتين شكراً لله حين انهزمت مصر في حرب 1967، والقاعدة ثم داعش سلكا النهج نفسه.

على الجانب الآخر، وجدنا حكام طهران يتمادون في العداء لدول الخليج العربي، ويتحالفون مع الشيطان الأكبر الأميركي، كما كانوا يزعمون لتدمير العراق، وينشئون المليشيات العسكرية ويمدونها بالسلاح لكي تكون ذراعاً لهم في الدول العربية، ويتباهون بأنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية والتبعية تأتي.

الأخطر هو تجنيد كل إمكاناتهم لزرع الفتنة ومحاولة فرض نظامهم كونه مرجعية دينية للمواطنين الشيعة في العالم، وعلى الأخص في العالم العربي، الذي عاش على مدى قرون، وقبل أن يبتلى بنظام الملالي ومهاويس الدواعش، الإخوان، وهو لا يعرف إلا الولاء للوطن والانتماء للعروبة ولصحيح الإسلام، بعيداً عن الصراعات المذهبية وحروب الطوائف.

أتذكر حين سقط حكم الشاه في إيران وجاء الخميني، وأعلن مناصرته القضية الفلسطينية، وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

انتظرنا يومها أن يتم إنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية، ليكون ذلك عنواناً لبدء صفحة جديدة من التعاون المشترك، فإذا بنا أمام موقف أكثر تصلباً، وأمام إعلان عن تصدير الثورة الإيرانية إلى العالم الإسلامي، لينتهي الأمر بعد كل هذه السنوات إلى هذا الموقف، الذي تسهم فيه طهران في تدمير دول عربية.

وتعتبر مد نفوذها في الوطن العربي أمراً طبيعياً، وتنشئ المليشيات، وتحشد الأسلحة لنشر الفوضى وإثارة الحروب الأهلية، وتلتقي مع الدواعش والإخوان في محاولاتهم زرع الدمار، وتقسيم الأوطان، وتهديد استقرار الدول العربية.

ثم لنجد في النهاية (الدواعش والإخوان من ناحية، وطهران وجماعاتها ومليشياتها من ناحية أخرى) يلتقيان على النهج نفسه، الذي يريد حرباً لا تنتهي بين سنة، وشيعة يريد ملالي طهران أن يفرضوا وصايتهم عليهم، ولنجد الطرفين يلتقيان أيضاً في خدمة ما تحلم به إسرائيل من تدمير لأوطان عربية، وتقسيم لأبنائها وزرع للفتنة الطائفية بينهم، على يد من زعموا أنها الشيطان.

الرئيس الإيراني روحاني زار الكويت وسلطنة عمان أخيراً، وقال كلاماً طيباً عن الأخوة والتعاون، إلخ، لكن المشكلة أننا تعودنا على توزيع الأدوار، والذي يسمح للرئيس روحاني بأن يقول ذلك، ثم نسمع من غيره من المسؤولين ما يناقض ذلك، ثم الأدهى هو ما نراه على الأرض.

حيث تتواصل الأعمال العدائية وتدعيم المليشيات التابعة لطهران، ومحاولات زرع الفرقة بين أبناء دول عربية لم تعرف منذ نشأتها إلا التوافق والمواطنة الحقيقية، التي لا تفرق بين سنة وشيعة، والتي لا تعرف ولاء خارج أوطانها، ولا انتماء إلا للدول التي تعيش فيها ولمظلة العروبة، التي تجمع ولا تفرق، والتي لا تعرف التعصب أو الكراهية التي تنشرها مليشيات التطرف وجماعات الإرهاب، التي تدّعي زوراً وبهتاناً الانتماء لدين الله الحنيف.

لا يطلب العرب من إيران إلا أن تتفرغ لمشاكلها وأن تركز جهدها لتنمية نفسها، وإسعاد مواطنيها، وأن تترك أوهام التوسع ومد النفوذ، وإشعال الحروب المذهبية والطائفية التي لن تكون نهايتها إلا أن تكتوي هي نفسها بالنيران التي تشعلها.

لا يريد العرب من حكام طهران إلا أن يتوقفوا عن دعم جماعات الإرهاب، وعن ضرب استقرار المنطقة، وأن ينهوا احتلالهم للجزر الإماراتية أو يقبلوا التحكيم الدولي بشأنها، وأن يفهموا أن سياساتهم الخاطئة قد وضعتهم مع كل جماعات الإرهاب، التي يزعمون محاربتها ومع الكيان الصهيوني، الذين يتاجرون بمزاعم العداء له في سلة واحدة تحت تصرف الشيطان الأكبر، الذي أعلنوا عندما عقدوا صفقتهم معه، أنهم وصفوه بذلك من باب إطلاق الشعارات، وليس من باب «الجهاد المقدس» كما كانوا يزعمون.

الطريق واضح أمام حكام طهران لكي يتطهروا مما فعلوه، ولكي يفهموا أن مستقبل بلادهم لا يرتبط بشيء قدر ارتباطه بحسن الجوار والتعاون المشترك مع دول الخليج العربي، ومع باقي الدول العربية، وأن هذه العلاقات لن تأتي مطلقاً في ظل التمسك باحتلال أرض عربية.

كما في الجزر الإماراتية، ولا بمد النفوذ وإنشاء المليشيات، وإثارة الفتن المذهبية، وإنما بالعودة للعقل، وبقراءة رشيدة لنتائج سياساتهم على المنطقة، وعليهم تلك السياسة، التي وضعتهم مع الدواعش والإخوان والكيان الصهيوني في صف واحد، حتى وإن اختلفت الرايات، وتبدلت الشعارات.

Email