المظالم العرقية في عهد أوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع مغادرة الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض، أثارت جرائم العنصرية النقاش، مجدداً، حول مدى تغير الصلات العرقية في ظل تسلم أول رئيس أميركي من أصل إفريقي لسدة الحكم، ففي مدينة شيكاغو جرى اتهام أربعة أميركيين من أصل إفريقي باختطاف وضرب وتعذيب رجل أبيض، مع تقييده.

وعندما طلب أحد المراسلين، سابقا، بشيكاغو تعليق باراك أوباما على الحادثة، حين كان رئيساً، قال إنها جريمة كراهية، كما وصفها بأنها مسألة «جديرة بالازدراء». ومع ذلك لم يوافق أوباما على الجدل بأن العلاقات العرقية قد أصبحت أسوأ في المدينة التي هي مسقط رأسه.

لقد كان هارولد واشنطن، أول عمدة أميركي من أصل إفريقي في شيكاغو، مصلحاً تقدمياً، طوقه عداء المجلس المحلي الذي يديره البيض، في جو من العداء العنصري الصريح.

وكان قائد شرطة شيكاغو سيئ السمعة يعذب الأميركيين الأفارقة المشتبه فيهم بتقديم اعترافات كاذبة في سلسلة من جرائم القتل. وبسبب التلاعب في ذلك الوقت، جرى تمثيل الأميركيين من أصل أميركي واللاتينيين بشكل ناقص في مجلس المدينة. وأياً كانت المشكلات الحالية، فإن العلاقات المتصلة بالأعراق في شيكاغو قد قطعت شوطاً طويلاً منذ ذلك الحين، وهي الفكرة التي طرحها باراك أوباما عند حديثه مع المراسل. يتمثل تغير آخر يتصل بالصلات العرقية في أن كاميرات الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت من تسجيل مقاطع مرئية تتعلق بمختلف جرائم وحوادث العنف، بحيث أصبحت متاحة للجمهور على نطاق واسع. ولقد انخفضت معدلات الجريمة على نحو واسع للغاية في أميركا منذ ثلاثة عقود، حتى في شيكاغو. بيد أن هذا الأمر غير واضح بالنسبة إلى كثير من الناس، والفضل في ذلك يعود إلى الأخبار التي تسلط الضوء على العنف.

وهنا ينطبق تقييم غامض يتعلق بـ«التقدم»، وذلك على إرث باراك أوباما، كأول رئيس أميركي من أصل إفريقي. لقد رحب معظم الأميركيين بانتخابه كنقطة تحول بالنسبة إلى المجتمع الأميركي. ومع ذلك أتى الإنجاز مع توقعات غير تقليدية لما يمكنه فعله لأميركا في ظل تلك التسمية، باعتباره رئيساً.

لقد كان من غير العادل أن يتوقع المرء أن يشير انتخاب أوباما إلى تحول كبير للغاية فيما يتعلق بالانقسامات الأميركية الراديكالية السابقة، كما لو أن الحدث عبارة عن نقطة توقف، وتتويج، بدلاً من كونها علامة فارقة في رحلة تاريخية طويلة.

وتلك عبارة عن «فنتازيا أميركا» كمجتمع ما بعد العنصرية، وقد دفعت وسائل الإعلام الناس من جميع الأجناس للتعايش مع ذلك. لقد أحببنا نبرة الأمل والتغيير، كما أن أميركا المتفائلة بمثابة أمر جيد، طالما هي نزيهة، ولم يكن واقعياً الاعتقاد بأن الرجل من أصل إفريقي الذي يستيقظ يومياً في البيت الأبيض، ويتابع الواجبات الرئاسية، كان على وشك أن يعلي من شأن جميع العائلات التي تقودها الأقلية، وذلك على نحو مفاجئ. لقد ضاق الكثير من الأميركيين السود، لا سيما أولئك الموجودون في المراتب الاقتصادية الدنيوية، ضاقوا ذرعاً من عدم وجود تغيير في ظل حكم أوباما.

لكن لا ننسى أن المشكلات المتجذرة، والتي تتمثل بالفقر والحال السيئة للعديد من مناطق التربية والتعليم في المناطق الحضرية، إلى جانب تفكك العائلات، وتفشي العصابات والعنف المرتبط بتجارة المخدرات، هي أمور بدأت قبل تولي باراك أوباما المنصب، ولا يمكن حلها بجرة من قلمه.

كما أن هناك فكرة ثانوية واهمة تمثلت في أن أوباما تسبب بنوع من تفكك العلاقات العرقية وهيجانها. كما لو أن حضوره في حذ ذاته هو السبب وراء معاناة الأميركيين من التوترات الأمنية على مستوى أكبر.

كان حرياً بنا عدم التوقع بأن يعالج أوباما كافة المشكلات المرتبطة بالمظالم العرقية في أميركا. وفي حال كان ذلك ما كنت تتوقعه، فإني أعتذر منك، لكن السنوات الثماني الماضية لم تكن مدة كافية لإنجاز ذلك.

Email