دروس من طريق الموت

ت + ت - الحجم الطبيعي

طريق ولاية كاليفورنيا 99 هو الطريق السريع بين الشمال والجنوب، الذي يمر عبر الوادي الوسيط الكبير. ولم يتغير كثيراً منذ منتصف ستينيات القرن العشرين. ومنذ نصف قرن مضى، عندما وصل عدد سكان الولاية إلى نحو 18 مليون شخص، وليس إلى نحو 40 مليوناً، كما هي الحال اليوم. وكان الطريق 99 تمضي فيه السيارات مسرعة، عبر أربعة مسارات رائعة. وكان جوهرة التاج في نظام طرق ولاية كاليفورنيا.

ولكن الأمر ليس كذلك الآن، فقد وصفت فاليو بنغوين (وهي منظمة أبحاث خاصة)، الطريق باعتباره أكثر الطرق الرئيسي السريعة في أميركا من حيث عدد الضحايا. السكان المحليون، الذين يعيشون على امتداد الأربعمئة ميل غالباً ما يأوون إلى الفراش، بعد التقارير التلفزيونية الإخبارية، التي تتناول الحوادث، التي تشارك بها سيارات عدة، ومن ثم يستيقظون لحسابات إذاعة «سنترال فالي» عن حوادث السير على الطريق 99.

ويشهد الطريق 99 عملية تحسين تتكلف نحو مليار دولار، وتستغرق عقوداً عدة لزيادة مساراته الأربعة إلى ستة مسارات، وتم قطع الكثير من الوعود لبناء مدارات لتحل محل المخارج والمداخل العائدة إلى أيام السير المتقاطع.

الطريق 99 هو رمز لولاية تمر بتراجع نفسي ومادي. وأبناء كاليفورنيا في ما يبدو أكثر تعقيداً من أن يخصصوا نحو عشرة مليارات دولار لكي يضمنوا أولاً أن الولاية بها طرق سريعة تمتد من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى الطريق 99 لا بد من المقيمين في الولاية من أن يكتفوا أيضاً بالطريق السريع 101 والطريق 5 العابر للولايات، الذي يعد بالغ الازدحام الآن.

وضمان أن طرق كاليفورنيا السريعة ستكون بها ستة مسارات، وإضاءة جيدة، وتتمتع بالأمان كان يمكن أن تكون مهمة عملية للغاية بالإمكان استكمالها منذ فترة طويلة، وكان يمكن أن ننقذ حياة الآلاف. وعوضاً عن ذلك، فضل البيروقراطيون والسياسيون إهدار المال على إنجاز السكك الحديدية الفخمة.

وفي الوقت الراهن يدفع أبناء ولاية كاليفورنيا ضرائب عن المبيعات والدخل والوقود تعد الأعلى على امتداد البلاد، غير أنه بالمقابل يعد نظام النقل الخاص بالولاية في العديد من الدراسات الوطنية الأخير تقريباً في أميركا.

وبالمثل فإن نتائج الامتحانات في المدارس العامة في كاليفورنيا هي بالمثل في أدنى المستويات على صعيد الولايات المتحدة.

وقد أصبحت الولاية مؤلفة من طبقتين، فالأثرياء الساحليون معفون من أوجه القلق المالي في ما يتعلق بأحلامهم الخاصة بالضرائب المرتفعة، والفقراء ، الذين يحظون بالدعم في داخل الولاية يعيشون النتائج المتعلقة بالحياة الواقعية، وفي غضون ذلك فإن الطبقة الوسطى التي لا تحظى بالاحترام والمجردة من الدخول المرتفعة أو استحقاقات الولاية تغادر الولاية في جماعات كبيرة.

وأصبح الطريق 99 طريق الفقير المعرض للإهمال. وكاليفورنيا بها من المقيمين، الذين يتلقون الإعانات، ما يفوق أي ولاية أخرى، وبها أعلى مستويات الفقر في أميركا. والطريق 99 يجتاز أكثر مقاطعات الولاية فقراً. ونحو ربع سكان كاليفورنيا لم يولدوا في الولايات المتحدة. ولا يزال كثيرون منهم من دون مواطنة أميركية.

والنتيجة هي عاصفة حقيقية تنطلق يومياً على امتداد الطريق 99. وتفاقمت الظروف العشوائية لامتدادات الطريق 99 وحركة المرور الهائلة، عبره من خلال السيارات والشاحنات القديمة، وغير الآمنة، وسائقو كاليفورنيا الكثيرون المفتقرون للخبرة الذين لا يعرفون قوانين وقواعد السيارات. وفي الأغلب لا يقوم سائقو الشاحنات الصغيرة المنطلقون على الطريق 99 بربط حمولاتهم وتثبيتها.

ويقدم الطريق 99 عدداً من الدروس المنسية غالباً التي تركها لنا أجدادنا، الذين رسموا خريطة ما كان في وقت هو من الأول في أميركا، فالطرق السريعة، إضافة إلى السدود والقنوات والجسور تعتبر شريان الحياة بالنسبة للولاية. وأولوية أكثر أهمية من الاستثمار في تحسين حالة المراحيض أو في جهود إنقاذ ذبابة دلهي ساندز.

والهجرة المدروسة والشرعية والمتنوعة جنبا إلى جنب مع الاستيعاب والإدماج السريعين هي وحدها التي يمكن أن تضمن أن التنوع قوة.

والأغنياء الذين يمكنهم في يسر دفع الضرائب العالية لا ينبغي أن يفرضوا هذه الضرائب على أولئك الذين لا يمكنهم دفعها.

وأخيرا، فإن أحلام النخب تصبح وقائع بالغة الخطورة عندما يتم تجريدها أولا على «آخرين» بعيدين وأكثر ضعفا.

Email