أسس بناء مجتمع المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عام 2011 ومع بداية العام الدراسي، وفي خطوة استباقية. أطلقت قيادة دولة الإمارات الرشيدة (أجندة وطنية لتطوير التعليم) والقارئ بتمعن لهذه الأجندة، لا تفوته ملاحظة أنها نتاج جهود مكثفة لجمع غفير من الجنود المجهولين الذين عكفوا على مراجعة المسيرة التربوية والتعليمية في الدولة، حتى خلصوا لهذه الأجندة.

والتي هي بمحاورها الخمسة وأهدافها العشرة وكثافتها المعرفية، ترقى إلى مستوى الاستراتيجية، ذلك أن مداها الزمني يمتد إلى عام 2020، والأهم من ذلك ربطها بقضايا التنمية البشرية، مما يجعلها من منطلق علمي واستراتيجي، عملاً مكتملاً ومتكاملاً. والتي نحاول تسليط الضوء على محاورها وأهدافها والتي أجازها مجلس الوزراء آنذاك..

اشتملت الأجندة على محاور خمسة جاءت كالتالي:

1. محور تطوير التحصيل العلمي للطلاب.

2. تطوير البيئة المدرسية.

3. تكافؤ الفرص التعليمية بين جميع الطلاب.

4. تعزيز الحس الوطني لدى الطلاب.

5. زيادة الكفاءة والفاعلية الإدارية للوزارة.

وحتى تتسق هذه الأهداف الخمسة، تم ربطها عضوياً بعشرة أهداف، ومجموعة من المبادرات، وخططها المعلنة، بمعنى أن ترتبط المبادرات بالخطط التطبيقية لتنفيذها سوياً مع أهداف الأجندة، أي أن الأجندة تتضمن محوراً تنبثق عنه أهداف، تم ربطها بمبادرات وخطط تنفيذية لكل مبادرة، تعمل لسد الفجوة بين التعليم الرسمي (الحكومي) وبين التعليم الخاص.

وبالنسبة للمبادرات، هنالك أيضاً مطالبة بإعادة هيكلة التعليم، وتحسين المجالات المهنية، وتطوير أنظمة التقنية في المدارس والمناطق التعليمية. ولم يغب عن بال واضعي "الأجندة "الانتباه إلى اعتماد مشروع تراخيص الهيئات والمؤسسات التربوية والتعليمية على مستوى الدولة.

والتي يقدر عددها بنحو أكثر من 1200 مدرسة تقريبا، منها 61% حكومية والبقية تخضع للقطاع الخاص. وتضاف إلى ذلك مبادرة توفير متطلبات الإرشاد التربوي للطلاب، حتى يحسنوا اختيار مساراتهم التربوية والتعليمية مستقبلاً، سواء في المساقات العلمية أو الأدبية.

واتسمت "أجندة تطوير التعليم" بكثافة القضايا التي تم طرحها، مثل :المناهج الدراسية، وكفاءة هيئات التدريس، وأسس تقييم أداء الطلاب والأساتذة، وسبل تمكين الهوية الوطنية، والبناء المعماري، وحافلات نقل الطلاب التي وجدت اهتماماً كبيراً، حيث تم التداول بشأن إجراءات السلامة، خصوصاً عند صعود ونزول الطلاب، مع ضرورة الانتباه لأعمارهم، ومخارج الطوارئ، وكذلك تم التعرض لنظم التغذية المتبعة في المدارس الحكومية والخاصة.

لقد أتيحت لي فرصة الاطلاع على الأجندة سلفاً، عبر تصفحي المعتاد لموقع رئيس مجلس الوزراء، ويبدو أن وضعها على الموقع تم القصد منه إتاحة الفرصة لمعرفة آراء المواطنين بشأنها، وهو ما حدث بالفعل، إذ تبين أن نحو27 ألف فرد مروا عليها على موقع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهي بادرة جديرة بالاهتمام والكثير من التقدير.

سبقت الإشارة إلى أن الجديد الذي جاءت به أجندة تطوير التعليم، هو أنها أحكمت الربط بين مدخلات التعليم ومخرجاته، بحيث أصبحت قضايا التعليم مرتبطة بمسألة التوطين، والقضاء على بطالة الشباب، وهي من المهام التي تقع على عاتق هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية المواطنة، والمضمنة وفق استراتيجيتها الحالية والمستقبلية.

وقد بات واضحاً أن الحكومة إنما أرادت تفعيل دور الهيئة للتعامل مع قضايا التوطين برؤية جديدة، حتى تتاح كافة الفرص أمام المواطنين، وخصوصاً الشباب، لدخول سوق العمل بكفاءة واقتدار.. وكانت وزارة التربية والتعليم قد اعتمدت "استراتيجيتها للأعوام 2011 - 2013 لتطوير التعليم" التي كانت ترتكز على مبادرات تعمل على استخدام:" أفضل المعايير التعليمية العالمية " والتي تشتمل على منظومة متكاملة للتعامل مع أحدث التقنيات التي يتم توظيفها والتي أشرنا إليها في المقال السابق بعنوان(قانون القراءة لماذا؟)

*وقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 10 أبريل 2012 مبادرة محمد بن راشد للتعلم الذكي والتي تشمل جميع مدارس الدولة بتكلفة مليار درهم. وتهدف لإيجاد بيئة تعليمية جديدة في المدارس تضم صفوفا ذكية ويتم توزيع أجهزة لوحية لجميع الطلاب وتزويدها بشبكات الجيل الرابع فائقة السرعة إضافة لبرامج تدريبية متخصصة للمعلمين ومناهج علمية جديدة مساندة للمنهاج الأصلي.

بقي أن أضيف أن المفاهيم المعاصرة للتنمية المستدامة، أصبحت تتبنى المنظور الشمولي للاستدامة الذي يهدف إلى توسيع الخيارات أمام الناس، كل الناس، والأهم من ذلك ضرورة تبني وتفعيل مفهوم الشراكات الاستراتيجية مع كافة الجهات ذات العلاقة، بالرؤية والرسالة والقيم والأهداف التي نعمل جميعاً على تحقيقها، بما في ذلك القطاع الخاص الذي دخل بقوة للاستثمار في قطاع التعليم.

ويشهد على ذلك ما أشارت له الإحصاءات المنشورة، ومن ثم تضاعف الدور الرقابي والإشرافي لوزارة التعليم العالي، في وضع المعايير التي تضبط عمل وأداء الجامعات الأجنبية، وأهمية التأكد من أن مناهجها ومفردات مساقات المواد التي تدرس لطلابنا موثوق بها، وتتوافق مع المسار الاستراتيجي الذي رسمه قطاع التعليم العالي في الوزارة.

ضمن هذا الفهم، تشير بعض التقارير إلى أن حظ مجتمع ما من اكتساب المعرفة ومدى توظيفها في خدمة قضايا التنمية المستدامة، يتوقف على حجم الاستثمار في البنى الثقافية والتعليمية والتربوية والتكنولوجية القائمة في المجتمع، وهذا ما أعطته حكومة دولة الإمارات اهتماماً كبيراً، فضلاً عن دور المؤسسات والهيئات المجتمعية ذات العلاقة.. هذا ما ننشده في مجتمعنا، بتكاتف الجهود وشد همم أبناء وبنات الإمارات، لتحقيق الأهداف المرجوة من أجل أبنائنا وبناتنا والأجيال القادمة.. والله الموفق.

 

Email