قانون القراءة لماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«نسعى إلى نشر القراءة والمعرفة في كل مدرسة وجامعة ومؤسسة وبيت، وفي كل ركن من أركان الدولة»، محمد بن راشد آل مكتوم.

يعد «قانون القراءة»، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أول قانون من نوعه للقراءة في الوطن العربي، والذي يضع أطراً تشريعية وبرامج تنفيذية ومسؤوليات حكومية محددة لترسيخ قيمة القراءة في دولة الإمارات بشكل مستدام.

وذلك في بادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة في المنطقة. حيث يهدف إلى دعم تنمية رأس المال البشري، والمساهمة في بناء القدرات الذهنية والمعرفية، ودعم الإنتاج الفكري الوطني، وبناء مجتمعات المعرفة في الدولة، سعياً إلى إعداد أجيال يعملون من أجل تحقيق رؤية الإمارات المستقبلية.. رؤية تتواكب وتعزز وتسير برؤية «استراتيجية الإمارات التعليمية» ودفعها إلى الأمام.

والتي تمتد بين عامي 2010 و2020، في إعداد الطالب وتأهيله، كي يتسلح بمعارف ومهارات متوازنة، ويصبح قادراً على فهم واستيعاب قيم سوق العمل المستقبلي، بما في ذلك الالتزام والمهنية في العمل.

حيث تركز على الطالب كمحور أساسي لها، بحيث يتم بناء الإنسان الإماراتي القادر على تحقيق طموحات مجتمعه، وترجمة ولائه لقيادته وانتمائه الوطني، إلى أفعال وطنية نبيلة تخدم الوطن ومستقبل أجياله ورفعته واقتصاده، وبالتالي، تلبية توجهات وطموحات قيادته الرشيدة لتحقيق التنمية المستدامة..

كما تتمحور «الاستراتيجية»، حول احتياجات الطالب في تحسين التحصيل العلمي، وتهيئة بيئة مدرسية ملائمة، وإيجاد تكافؤ الفرص التعليمية بين الطلبة، وتنمية روح المواطنة لديهم.

وأيضاً تهدف إلى: تطوير قطاع التعليم وفق أحدث المعايير، وتوظيف التكنولوجيا للارتقاء بالعملية التعليمية إلى أفضل المستويات العالمية، وصولاً إلى أن يصبح نظامنا التعليمي واحداً من أفضل النظم التعليمية في العالم بحلول عام 2021.

إن دولة الإمارات تركز في سياستها التنموية على الاستثمار في البشر قبل الحجر، لتحقيق التنمية المستدامة التي تنشدها لشعبها، كما أن لها السبق في استشراف المستقبل لتطوير قطاع التعليم، بإطلاق مبادرة التعليم الذكي، كنظام تعليمي، يواكب الثورة المعرفية والتطورات التكنولوجية التي يشهدها العالم..

من هنا، تأتي أهمية بناء مجتمع المعرفة، الذي يملك أفراده رؤية استراتيجية للمستقبل، في سياق التدفق لمجريات وقائع الحاضر، بتفاعله مع عطاء المعرفة المتجدد، مجتمع يتسابق أفراده لبلوغ الريادة والتميز، عبر الاجتهاد والتحصيل وبناء القدرات، مجتمع يسترشد بالمعرفة، لا يرفعها شعاراً، بل يجعلها دليل عمل ومنهج حياة.

إن إرساء أرضية معرفية، يعتبر أساس بناء مجتمع المعرفة، وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن مجتمعنا يمتلك رصيداً حضارياً وثقافياً، تمكن الاستفادة من مخرجاته لبناء مجتمع معرفي معاصر، من خلال صهر وتشجيع الآراء والأفكار وإحداث مناخ يعزز الإبداع والابتكار.

والارتقاء بنظام التعليم بكامله، وفي مختلف مراحله، لينسجم مع معطيات العصر، وتوسيع قنوات البحث العلمي النظري والتطبيقي، ليخدم مجالات الحياة كافة، والسعي لصيانة نموذج وطن معرفي، يستمد خصائصه من الواقع الحضاري والثقافي للمجتمع، وربط المعرفة بالموروث الحضاري والثقافي، للإبقاء على هوية الإنسان وموروثه المجتمعي، والانفتاح والتفاعل الخلاق مع الثقافات الأخرى، من أجل تبادل الخبرات والمعارف.

ويعد نقص المعرفة (الفقر المعرفي)، أحد أهم معوقات التنمية البشرية في الدول النامية، وفي البلدان العربية على نحو خاص، إذ يتسبب الشح المعرفي في ضعف القدرة على الإنتاج والمنافسة، حيث أصبحت المعرفة إحدى وسائل قياس تقدم الدول، بل أصبحت «المعرفة معياراً للرقي الإنساني»، خصوصاً في هذه المرحلة المهمة من مراحل التطور المجتمعي.

وتأسيساً على ما تقدم، يمكن القول إن إقامة مجتمع المعرفة، صارت مطلباً ملحاً لبلوغ غايات التنمية البشرية المستدامة.

وإذا اعتبرنا أن الثقافة الكلية، تشمل «ثروة معرفية»، فإن الثروة المعرفية تتزايد بتراكم رأس المال المعرفي المسؤول عن إنتاج معارف جديدة، من خلال الاستفادة القصوى من القراءة المستدامة «التعليم ـ التعلم» والبحث المتأني، للتشبع بالعطاء الفكري والأدبي والفني والجمالي.

وإنتاج معارف جديدة، أي الإسهام الفعّال في إنتاج ونشر وحفظ المعرفة في جميع المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إلى جانب أشكال النشاط المجتمعي، في سياق شراكة استراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.

ضمن هذا الفهم، تشير بعض التقارير، إلى أن حظ مجتمع ما من اكتساب المعرفة ومدى توظيفها في خدمة قضايا التنمية المستدامة، يتوقف على حجم الاستثمار في البنى الثقافية والتعليمية والتربوية والتكنولوجية القائمة في المجتمع، فضلاً عن دور المؤسسات والهيئات المجتمعية ذات العلاقة. لذا، يعتبر اكتساب المعرفة المؤشر الدال على قيام مجتمع المعرفة، لأن مجتمع المعرفة.

هو ذلك المجتمع الذي يتفشى بين مختلف فئاته وشرائحه، الفيض المعرفي، وبشكل يجعل البناء الاجتماعي بأسره نسيجاً مشبعاً بثقافة المعرفة، بحيث تصبح المعرفة جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية لأفراد المجتمع في ميادين العمل البشري..

وبناءً عليه، فإن اكتساب المعرفة، يعني بالضرورة التوسع في نشرها وتوظيفها بكفاءة لترقية حياة الناس، بشكل يتحول معه المجتمع من منظومة تضم بعض أفراد عارفين، إلى منظومة مجتمع. ومما لا شك فيه، أن «قانون القراءة» ومدى أهميته وفاعليته المستقبلية، سيؤدي قطعاً لتأسيس قاعدة صلبة لمجتمع معرفي، يسير بخطى ثابتة نحو تنمية مستدامة.

 

Email