أميركا وإيران.. تاريخ من التحالفات المشبوهة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما كان لإيران أن تمد نفوذها في المنطقة، لولا صفقات مشبوهة وتحالفات سرية يظهر بعضها الآن للعلن بعد سنوات من تفعيلها على الأرض!

مع كل الشعارات الرنانة التي كان يطلقها أقطاب الحرس الثوري الإيراني، ويرددها المسؤولون عن «الشيطان الأعظم» الذي هو أميركا، كانت التحالفات تجرى في الخفاء!

ومع كل الاتهامات التي كانت توجهها واشنطن للنظام الحاكم في إيران، كان الحصار الذي يدعون فرضه على هذا الحكم أشبه بـ«الطبطبة»، ولمن شاء أن يقارن بين حصار أميركا على إيران وهي تقترب من صنع القنبلة النووية، وبين حصار ظالم على العراق فرض الجوع وقتل الأطفال قبل الحرب العدوانية التي دمرت هذا القطر العربي الشقيق بمزاعم ثبت كذبها عن امتلاكه السلاح النووي!

ولعل هذه الحرب كانت نقطة الفصل التي كشفت حجم العداء المشترك للعرب بين صقور أميركا وبين حكام إيران.. ولعلها أيضا كانت لحظة الكشف «التي تغاضى عنها الكثيرون» عن حجم التحالف بين واشنطن وطهران، وعن بداية صفحة جديدة من التآمر الذي كان مقدرا له من البداية ألا يقف عند حدود العراق، بل أن يتسع ليشمل المنطقة كلها، وليستهدف «عروبة العرب» التي استعصت على أعدائها طويلا!

غزو العراق وتدمير هذه الدولة العربية الأساسية تم علناً وعلى رؤوس الأشهاد بالتعاون الكامل مع إيران، والتنسيق الكامل بين حكام طهران، وبين من كانوا يصرخون في وجوهنا بأنه «الشيطان الأعظم» الأميركي، يومها ظن البعض أن الأمر يقف عند ثأر حكام إيران لهزيمتهم من العراق بعد حرب طويلة، اضطروا في نهايتها إلى قبول الهزيمة، معلناً الخميني أنه يتجرع السم لإنقاذ نظامه من السقوط الكامل.

كان العملاء العراقيون لدى المخابرات الأميركية قد انضموا إلى فريق آخر يعمل في خدمة الإدارة الأميركية لترويج فكرة إجرامية تستغل أحداث سبتمبر التي أوجعت أميركا في إقناع أقطاب الإدارة ومراكز التأثير السياسي بأن الإرهاب الذي تواجهونه تقوم به جماعات تتنكر حتى لجهدكم في إنشائها ودعمها فتنقلب عليكم لأن العداء للغرب في صلب عقيدتها!

أما الحل «الذي تم تقديمه قبل غزو العراق» فهو التحالف بين أميركا وإيران ودعم الأخيرة لتنصيبها ممثلة للشيعة في المنطقة وقائدة لهم، من أجل تكوين منطقة نفوذ تمتد من الخليج إلى لبنان.. مروراً بالعراق وسوريا، وهذا «الهلال الشيعي» كما قيل هو القادر على تقديم كل الخدمات لمخطط تقسيم ما تبقى من العالم العربي، وفقاً للمصالح المشتركة بين أميركا وبين حلفائها، وفي مقدمتهم بالطبع إيران.

هذا المخطط الذي تم تبنيه من الإدارة الأميركية قاد إلى غزو العراق وتدمير أركان الدولة فيها وتسليمها لنفوذ إيران، ثم اعتبار ذلك بداية ينبغي تعميقها لنموذج «ديمقراطي»! يغزو المنطقة. فكانت كارثة سوريا، وسقوط لبنان رهينة لدى حكام طهران، وامتداد نفوذها لقطاع غزة. ثم كانت محاولة إسقاط مصر تحت حكم الإخوان بقرار أميركي لإسقاط أي قدرة على مقاومة المخططات التآمرية الخارجية ضد العرب.

وعندما أسقطت مصر حكم الإخوان، ورفضت الانجرار إلى الانقسامات الطائفية، أو الخضوع لإملاءات واشنطن. كان الرد هو إطلاق «داعش» من ناحية، وإطلاق يد إيران لإشعال الحرب في اليمن، ولتحاول حصار دول الخليج، ومد نفوذها إلى باب المندب، لتقدم نفسها للسادة في واشنطن على أنها المسيطرة على أربع عواصم عربية «كما قال المسؤولون الإيرانيون» والقابضة على مفاتيح طرق التجارة من الخليج العربي، إلى البحر المتوسط عبر مضيق هرمز وباب المندب!

في هذا الإطار ينبغي أن نقرأ حدثين مهمين:

الأول هو صدور قانون «جاستا» الذي لا يستهدف السعودية وحدها، لكن يستهدف تحميل «الإسلام» مسؤولية الإرهاب. دون اعتراف بأن الإسلام بريء مما يفعلون، وأن الإرهاب مسؤولية أميركا والغرب وعملائهم في المنطقة أولاً وأخيراً.

والحدث الثاني هو الاعتداء على السفينة التجارية الإماراتية من جانب الجماعات المدعومة إيرانياً في اليمن، في محاولة لإثبات الوجود الإيراني ولو بالوكالة عند هذه المنطقة الحساسة في باب المندب. لكي تكون هناك رسالة تريد أن تبعث بها إيران بأنها موجودة عند المدخل لقناة السويس والبحر المتوسط. وهي رسالة تعلم جيداً أنها مرفوضة جملة وتفصيلا، وأن الإصرار عليها من جانبها يمكن أن يكتب كلمة النهاية لأحلام التوسع الفارسي الذي يرفضه العرب «شيعة وسنة»، ولا بد أن يستفيق العالم كله ليعرف أنه الوجه الآخر لتطرف الإخوان والدواعش. بعيدا عن عموم المسلمين، وعن صحيح الإسلام.

وتبقى الحقيقة التي لا ينبغي أن نمل من تكرار التأكيد عليها، وعروبتنا هي الحل، وهي المستهدف الحقيقي من كل هذه المؤامرات، في ظلها حاربنا «سنة وشيعة» في سبيل الاستقلال، وبنينا أوطاننا، وسعينا إلى وحدتنا وانتصرنا وانهزمنا لكننا لم نسقط الراية، ولم نستسلم لما يريده الأعداء.

عروبتنا كانت هي الحل، وكانت هي المستهدف دائماً من أعدائنا وستبقى العروبة هي الحل، ولو غضبت طهران وواشنطن، ومعهما- بالطبع- حليفتهما تل أبيب!

Email