11 سبتمبر.. لقد تم صنع العدو

ت + ت - الحجم الطبيعي

في العام 2009، شاهدت تحقيقاً استقصائياً على موقع «يوتيوب» أنجزه جندي أميركي سابق يعرض فيه لنتائج تحقيقه التي ناقضت تماماً الرواية الرسمية الأميركية لأحداث 11 سبتمبر. وحتى فترة قريبة، كنت أظن انه التحقيق الوحيد من نوعه، لكن موقع «يوتيوب» بات متخماً بالعشرات من التحقيقات المماثلة التي قام بها مهندسون وأساتذة فيزياء وبعض من أهالي الضحايا على مدى هذه السنوات الخمس عشرة الماضية كلها تتوصل عبر المناقشة العلمية للرواية الرسمية إلى خلاصات تدحض هذه الرواية الرسمية تماماً.

في المشاهد الافتتاحية لآخر هذه التحقيقات التي تم تحميلها على موقع «يوتيوب» حديثاً في 2 سبتمبر 2016، يقول والد احد الضحايا واسمه بوب ماكلافين: «النصب التذكاري الوحيد لتكريم أولئك الذين قضوا في 11 سبتمبر 2001 هو الحقيقة». (بإمكانكم مشاهدة التحقيق القيم عبر هذا الرابط: http://www.pakalertpress.com/september-11-2001-world-war-3).

البحث عن الحقيقة مع حدث مثل هجمات 11 سبتمبر، يقتضي من وجهة نظري وسيلتين أو مقياسين اثنين، الأول هو مناقشة تفاصيل الحدث نفسه وسياقه والسيناريو الذي جرى وفقه ومقارنة الروايات، أي النظر إلى الحدث نفسه بكل تفاصيله وتحليله. الثاني: هو التعامل مع الحدث في سياق تاريخي، أي ماذا كان يجري قبله وماذا جرى بعده، أي اهم النتائج التي ترتبت عليه.

ضمن المقياس الأول أي تفاصيل الحدث نفسه، تكفلت هذه التحقيقات التي لم تتوقف طيلة السنوات الخمس عشرة الماضية والمثابرة التي أبداها أهالي بعض الضحايا والشجاعة في تحدي الرواية الرسمية وتجشم عناء البحث والاستقصاء الدقيق والدؤوب لسنوات في جلاء الحقيقة. تضاف إلى هذا الجهود التي بذلها آخرون خارج الولايات المتحدة سواء في أوروبا او في بلدان أخرى لجلاء الحقيقة في حدث عالمي على هذا المستوى. الخلاصة هنا هي أن الرواية الرسمية لا تصمد أبداً إلا -على سبيل المثال لا الحصر- لدى محطات التلفزة الأميركية.

وبالمقياس الآخر للتعامل مع 11 سبتمبر وهو السياق التاريخي، فإن تأمل واستقراء كل ما جرى بعده كفيل بإعطاء أجوبة شافية تجيب على التساؤل القلق الذي يطرحه معظمنا حول ما إذا كانت أحداث كثيرة قد تمت في سياق طبيعي أو مدبر.

هجمات 11 سبتمبر على ضوء كل الحقائق (التي كانت متاحة منذ البداية) لم تأت في سياق طبيعي أبداً، هذه التحقيقات وتصاعد موجة التشكيك في الرواية الرسمية يؤكد ذلك بقوة. أما الأحداث التي تلت تلك الهجمات فإن استعراض خلاصاتها وأهم نتائجها لن تدع مجالا للشك بأن الحدث لم يأت في سياق طبيعي بل مفتعل (المقابل الملتوي والمهذب جداً لمفردة مؤامرة).

لا أدري كيف أصف طريقة تعامل الكثير من العرب (ومنهم مثقفون وصحافيون وناشطون سياسيون واجتماعيون) مع هذا الحدث وهل القول بأنها مؤسفة أم محبطة كافٍ لوصف فداحة نتائج هذا نوع التفكير الذي يفكر به هؤلاء. لقد سلم غالبهم بالرواية الرسمية منذ اللحظات الأولى وكانوا يجادلون وبقوة أي نوع من التشكيك (الذي يتنامى حاليا واتضحت نتائجه في هذه التحقيقات) في هذه الرواية، ووصفوا كل من شكك في الرواية الرسمية حتى بشكل علمي بأنهم مهووسون بنظرية المؤامرة.

لكن بعد 15 عاما على هذا الحدث، أعتقد أن السؤال الأهم لن يكون ما إذا كان كل أولئك الذين تبنوا الرواية الرسمية يملكون فضيلة الصبر لاستقراء هذا الكم الكبير من التحقيقات والأدلة التي تناقض ما صدقوه بتسليم كامل وتالياً ما إذا كانوا يملكون الشجاعة لإعادة النظر في قناعاتهم. لا ليس هذا هو المهم، لكن المهم هو وضع كل هذه الحقائق التي تظهر أمام خطوة أخرى هي تصويت الكونغرس على السماح لأهالي الضحايا بمقاضاة السعودية باعتبارها مسؤولة عن الحادث.

في أي سياق يمكن وضع تصويت الكونغرس طالما أن الرواية الرسمية للحادث قد تم دحضها من قبل مواطنين أميركيين بالأساس؟ وعلى سبيل الجدل، فإن مسايرة منطق قرار الكونغرس الأميركي سيجعلنا نتساءل: هل يمكن لضحايا غزو العراق عام 2003 مقاضاة الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش ورئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير بعد اعترافات رسمية وخلاصات لجان تحقيق بأن قرار الغزو تم اتخاذه بناء على معلومات كاذبة؟.

يغفل الكثيرون عن السياق التاريخي ويلهثون وراء الراهن دوماً. لقد ختم القرن العشرين سنوات عقده الأخير بسقوط الاتحاد السوفيتي (رسميا في 26 ديسمبر 1991) ومذاك بدأ المفكرون ومراكز البحث والساسة (بما فيهم الرئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز) يتنبأون بأن الإسلام سيكون هو العدو الجديد للغرب، فالامبراطوريات تحتاج للأعداء دوماً، وأعطى بيريز تبريراً مقتضباً: «لأن فيه (الإسلام) نفس الطابع الشمولي للشيوعية». ما حدث منذ ذلك الحين وحتى اليوم، هو أن الغرب ظفر بعدو جديد.

لقد تمت صناعة العدو الجديد. فهو قائم وموجود على الأرض ويضرب بقوة وهمجية ووحشية لا مثيل لها. وفي تفصيل صغير عن هذا العدو، فإن عناصره يحرصون دوماً على أن يتركوا وراءهم ما يدل على هويتهم – خصوصا بطاقات الهوية وجوازات السفر- في مسارح كل العمليات الإرهابية البشعة التي يرتكبونها خصوصاً وتحديداً وحصراً في أوروبا، تماماً مثلما قيل إن احد انتحاريي 11 سبتمبر تم التعرف عليه بعد أن ترك في سيارة مستأجرة نسخة من القرآن وصورة بن لادن ودليل لتعلم قيادة الطائرات باللغة العربية.

Email