فن الكتابة بالصور في تونس

ت + ت - الحجم الطبيعي

فن «البكتوغرافي» أو الكتابة بالصور يعني تصوير شيء ما، كخضروات أو حيوانات، من خلال تجميع الكلمات معاً لإعطاء شكل هذا الشيء، هذا النبات أو هذا الحيوان. ويبذل الخطاطون قصارى جهدهم لإيجاد رابطة بين النص الذي يتم التعامل معه وبين تجسيده المرسوم.

وأشهر مثال على هذا الفن هو »السفينة« التي تظهر سفينة بسبعة مجاديف مشكلة من عبارة تفصح عن الإيمان. والسفينة هي رمز للإيمان الذي يساعد المرء على الرسو على بر الأمان.

وفي تركيا، معقل هذا الفن، يمكن للمرء أن يقرأ في المقاهي الشعبية عن معاناة الحب، المتمثلة في شكل عين بدموع تنساب منها. وفي تونس، نادراً ما كان الرسامون تحت الزجاج يحرصون على التطابق التام بين معنى النص وتجسيده. والعلاقات بين المضمون والشكل تم الحفاظ عليها ولكنها أصبحت أكثر حساسية، وقد استلهم الرسامون من البسملة شكل طائر من طيور الفردوس.

ودرج الرسامون على رسم إحدى آيات القرآن الكريم لتأخذ شكل تكوين دائري بالاستعانة بالحروف ذاتها، ويذكرنا هذا الشكل بفن العربسة، ولكن هذا التصميم ليس بعيداً تماماً عن شكل العجلة الشمسية التي تعد رمزاً للوفرة ولما هو مطلق.

المكونات الرمزية لهذا الفن ترجع إلى أزمنة قديمة. وفن الخط، سواء كان عادياً أو تصويرياً غالباً ما يكون مرتبطاً على الدوام بتصميم زهري أو هندسي. التصميم الهندسي في الفن الشعبي يفتقر بصورة جزئية إلى البرودة الشديدة، التي تعد سمة من سمات المشاهد الصرحية.

وعلى الجانب الآخر فإن التأثيرات الزهرية تحمل البرهان على إحساس المصور غير المألوف بالملاحظات. وغالباً ما تظهر الزهور والسوسن ولا بد من ذكر غياب زهور الخزامى، وهي مؤثر موجود في لوحات الخزف التي تم إبداعها في تونس منذ القرن السابع عشر. ويستلهم الخطاطون وحيهم من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي يحرص الخطاطون على الإبداع في كتابة اسمه..

وفي الكثير من أركان تونس يمكنك العثور على أوراق رسمت عليها مقتنيات للرسول الكريم ملئت بآيات من الذكر الحكيم، ومن أبرز الأعمال المنتمية لهذا النوع ما يقتنيه مركز الفن الشعبي في تونس. وغالبا ما تقسم هذه المقتنيات إلى أجزاء متكررة تحفل بالكتابات المختلفة.

واستلهم مصورو ما تحت الزجاج كذلك إلهامهم من سيدي عبد القادر الكيلاني الذي يحظى بتقدير كبير من أتباع الطريقة القادرية، ويمكن رؤيته وقد صور واقفاً أمام أسد يزأر، بينما هو يحاول كبح جماحه. ويحتفظ متحف صفاقس بصورة مثيرة للاهتمام تم العثور عليها في الريف المحيط بالمدينة.

وفي حالات كثيرة، كان الفنانون التونسيون رواة للقصص، وكان الفنانون حريصين على جمع عناصر الدراما التي نجحوا في الوصول بنا إلى تداخلها والحركة الكامنة فيها.

كل هذه العوامل محددة بوضوح، الحيوانات والكائنات البشرية والطبيعة. الطيور الجارحة تمزق الأعداء إلى أشلاء. الأسد من جانبه يقاتل إلى جانبه. ويهاجم النسر الثعابين. وهكذا يقضي على الشر الذي كان يمكن أن يحيق به.

المصور الحرفي التونسي قادته في إبداعه الفني المتداخل فكرة بسيطة: على جانب هناك الأشرار، وعلى الآخر هناك الأخيار الذين يفوزون في المعركة. هناك خير وهناك شر وكل شيء بني على الازدواجية.

اللوحات الزجاجية غالباً ما يمكن العثور عليها في بعض الأماكن العامة، لا سيما في المقاهي وفي صالونات الحلاقة. وتم إبداع هذا الفن في قرى وبلدات شرقي تونس بدءاً من بنزرت إلى صفاقس. والفنان الوحيد الذي ترك لنا مجموعة بأسرها من الأعمال الموقعة كان من أبناء صفاقس، ومن المؤسف حقاً أننا لا نعرف اسمه.

Email