ريموت كونترول

ت + ت - الحجم الطبيعي

في 20 مايو 2012 مات المخترع الأمريكي «يوجين بولي» الذي ابتكر «الريموت كونترول» جهاز التحكم عن بعد.

هذا الرجل منحنا شيئًا من الرفاهية.. وعلّمنا الكسل، فالأمر لم يعد جهازًا يرفع صوت التلفزيون أو يغيّر المحطة إلى محطة أخرى.. صار كل شيء حولنا يعمل بالريموت كونترول.

قبل فترة شاهدت فيلمًا كوميديًا/ خياليًا، عنوانه «كليك» للكوميديان آدم ساندلر، يتحدث عن موظف بسيط ورب عائلة، يمنحه مهندس غريب الأطوار «ريموت كونترول» يتحكم بالحياة: يخفض صوت زوجته، ويجمد مديره في العمل كأنه يُوقف مشهدًا في التلفزيون، ويُسرّع في المشاهد والزمن إلى أن يأتي وقت ترقيته.. في النهاية يحقق الكثير من أحلامه؛ ولكنه يفقد الحياة ولذتها ويفقد عائلته.. الفيلم متوسط المستوى، ولكن فكرته ذكية ومرحة، وجعلتني أتساءل:

هل هنالك «ريموت كونترول» كبير وخفي.. يُحرِّكنا دون أن نراه، ودون أن نشعر بما يفعله بنا؟!

هل هو الإعلام؟!.. أم هي الأفكار؟!

هل نحن الذين نتحكم بـ«الريموت كونترول» أم هو الذي يتحكم بنا؟!

من الذي يُوجه الآخر؟!

أنت الآن مشغول بحصار حلب في سوريا، وقبل فترة كنت مشغولًا ببطولة أوروبا لكرة القدم، وغدًا سيحدد الريموت كونترول الحدث الذي يشغلك به والجهة التي يأخذك إليها!

تلفّت حولك:

ألا ترى أن هنالك من (يتحكم عن بعد) بالجماهير، وأنت واحد منهم؟!. أي «ريموت كنترول» هذا؟!

كم هي الأشياء التي (تتحكم بك عن بعد) من عادات وأفكار وعلاقات؟.. أليست هذه الأشياء «ريموت كنترول» آخر؟

كم من الأشياء حولك قد قامت بضغط زر الإيقاف ليتوقف (مشهد) حياتك عن التقدم؟

من هذا الذي ضغط على زر «إيقاف صوتك»؟!

لماذا تسلمهم (الريموت كنترول) الخاص بك؟!

لماذا تسمح لهم بإطفائك؟

من الذي (برمجك) بهذا الشكل، وكيف سمحت لهم بهذا الأمر؟

صدقني، لن يحدث معك مثلما حدث مع «آدم ساندلر» ويأتيك مهندس غريب الأطوار ليمنحك ريموت كونترول خياليًا يجعل الحياة أجمل وأسهل.. أنت وحدك من بإمكانه أن يبتكر الريموت كونترول الخاص بك، وأول خطوة لفعل هذا: كسّر كل أجهزة التحكم عن بعد.. تلك التي تتحكم بك!

Email