تزايد الانتقادات ضد ترامب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما تشتد نيران مدافع الطائرات المضادة في المعركة، فإن تلك علامة على تصويبها على الهدف، مباشرة. وذلك على غرار ما تفعله، حالياً، أطراف متعددة، ممثلة بوول ستريت، والصناعة العسكرية، والإعلام، في شنها حرباً على المرشح للرئاسة الأميركية دونالد ترامب.

لقد تم حض كل من مايكل بلومبرغ ووارن بافيت، وهما اثنان من أهم الإعلاميين الذين تجمعهم علاقة ودية بوول ستريت، لإخبار أفراد الطبقة العاملة بالأمور الأجدى لهم. ويعد ذلك أفضل فعل مضاد لدونالد ترامب، والذي يمكن لوول ستريت تحقيقه.

من المفترض أن ينجذب الناس لحقيقة أن عمدة نيويورك السابق قد استخدم قطار الأنفاق كوسيلة مواصلات لعمله في «سيتي هول»، جالساً بجانب أبناء الطبقة العاملة، ومتغاضياً عن راتبه كعمدة للمدينة، في حين يتجاهلون حقيقة مساهمته في رفع الضرائب، وتشجيعه على الهجرة غير الشرعية.

أما وارن بافيت، الذي ظهر في سباق هيلاري كلينتون الانتخابي في أوماها، فقد قدم مسألة تشجيع الناس على الاقتراع. وذلك مؤشر كبير على مدى رفضه رؤية ترامب في البيت الأبيض. بيد أن الأول أخفق في ذكر مدى استفادته من كل من هيلاري كلينتون، والمعارضة الديمقراطية الشديدة لخط أنابيب «كيستون إكس إل»، الذي يشكل محوراً مستقلاً في مجال الطاقة بأميركا الشمالية.

ففي حال لم يتم نقل النفط الكندي الخام لأميركا عبر الأنابيب، يجري نقلها من خلال السكك الحديدية، ومن هنا ستواصل أعمال السكك الحديدية الخاصة بوارن بافيت نجاحها.

لدى دونالد ترامب نصيب في شركة قابضة تسعى لإنشاء خط أنابيب نفط «كيستون إكس إل»، فضلا عن أنه وضع أمواله الخاصة في جهود تسعى لجعل أميركا تتخلى عن النفط الأجنبي. وربما اختار كل من بافيت وكلينتون وضع أموالهما حيث تكمن مصالح بلادهما أيضا.

تقع قنوات وسائل الإعلام الحالية تحت سطوة التأثير الكامل. فحينما استضاف المستشار جورج ستيفانوبولوس، وهو مدير الاتصالات والاستشارات في إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، دونالد ترامب، أخيرا، في برنامج «ذس ويك»، وهو برنامج حواري سياسي لقناة «إيه بي سي»، قال ترامب إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن «يدخل أوكرانيا». ليرد عليه ستيفانوبولوس: «حسنا، إنه هناك بالفعل، أليس كذلك؟». ليجيب ترامب بدوره: «لكنك تعلم أن الناس في شبه جزيرة القرم، بحسب ما سمعته، يفضلون فكرة كونهم مع روسيا مقارنة بالمكان الذي كانوا فيه من قبل. ويجب أن تأخذ ذلك في عين الاعتبار أيضا».

في الوقت الذي تذرع بوتين بمبادئ حقوق الإنسان الخاصة «بمسؤولية الحماية» لتبرير ضمه «شبه جزيرة القرم»، التي يعتبر نحو 68% من سكانها من العرق الروسي، اندلعت حرب أهلية دموية في أوكرانيا، بمساعدة الحكومات الغربية، في محاولة سريعة لوضع أيديهم على شبه جزيرة القرم، وهي أولوية سياسية ولعبة اقتصادية لصالح الدول الموالية لروسيا.

وبالكاد تأتي تلك الأمور كأنباء لمدير حملة ترامب، بول مانافورت، الذي تمت استشارته في الحملة الرئاسية السابقة للرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، الزعيم الموالي لروسيا الذي أطيح به في انقلاب يدعمه الغرب مطلع عام 2014.

يتمثل الأمر الذي كان ينبغي على دونالد ترامب قوله لستيفانوبولوس بأنه في حال توقفت القوات الغربية الخفية عن التدخل في شؤون الدول المتحالفة مع روسيا، فإنه لن يكون هناك أي سبب لتتجرأ القوات الروسية على أوكرانيا، أو سوريا، أو أي مكان آخر في العالم. كما كان بإمكانه التوضيح في أنه في الوقت الذي تصبح الحرب، مادية، على نحو متزايد، فإن خبرته كمفاوض ناجح قد تؤهله ليكون أكثر فاعلية مما كان عليه الديمقراطيون في مجال الشؤون الخارجية.

لقد أشار ترامب، بأسلوبه الصريح، إلى نقطة عدم التدخل، وذلك عندما سُئل على لسان جورج ستيفانوبولوس، فيما إذا كان يرغب في تسليح الأوكرانيين ضد روسيا. وقد لا يكون ذلك جواباًَ ممتازاً، إلا أنه صحيح.

ويهاجم النقاد ترامب بسبب فشله في مواجهة طبول الحرب الموجهة ضد روسيا. وافتقاره إلى غريزة حفظ الذات من غسيل الدماغ. وبالتالي يحاول خصومه تصويره بأنه شخص غير مرغوب به في الانتخابات.إن خطابات ترامب تجعله كتهديد لأي نظام غير كامل موجه ضد مصالح الأميركيين.

باعتقادك، ما الذي سيفعله ترامب في حال انتخب رئيساً، وذلك بالنسبة إلى مسألة تخصيص نحو 8 ملايين دولار أميركي، على سبيل المثال، لمواجهة عمليات مكافحة الدعايات المعادية لروسيا في كل من أوكرانيا ودول البلطيق، وبالنسبة إلى تخصيص ما يصل قيمته إلى 663 مليون دولار في صورة مساعدات، وهو ما تم إيضاحه في فاتورة مخصصات وزارة الخارجية لعام 2017؟

في حال اعتقد المرء أن دونالد ترامب قد يخوض في بعض جداول الأعمال ويعرضها على الأميركيين، فإنه قد يلاحظ حينها أسباب تشكيل ترامب لتهديد خطير على السلطات الحالية.

Email