حتى تصبح مؤسساتنا متميزة حقاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

هدف من أهداف حكومتنا الرشيدة هو الوصول بالخدمات الحكومية وغيرها إلى اقصى درجات التميز والجودة ليس فقط حسب المواصفات العالمية ولكن حسب ما يتطلع إليه المواطن والمقيم على أرض هذه الدولة.

لذا أصبحت غاية ما تصبو إليه مؤسساتنا سواء العامة أو الخاصة هو رضا المتعامل المتلقي لتلك الخدمات وأقصى ما تتمناه تلك المؤسسات هو أن تحصل على شهادة التميز وجودة الخدمات التي طالما كانت شعار الحكومة.

شركات كبيرة ومؤسسات عملاقة نجحت في الوصول إلى التميز وحازت على جوائز في هذا المجال ولكن عندما نبحث وننقب في تاريخها فإنها إنما حصلت على ذلك التميز لأنها نجحت في اختبار الربحية والتنافسية أو في تبنيها لأفضل الممارسات العالمية في مجال الإدارة بينما قد تكون فشلت في أن تحوز على رضا المتعامل التام.

فشركات كبرى ومؤسسات شبه حكومية عملاقة تلجا إلى الربحية عن طريق استغلال جهل المتعامل بأنظمتها ولوائحها وقوانينها الداخلية في الزج به في عمليات شرائية تقوده إلى السلف والدين وتقود مستقبله للغموض.

أناس بسطاء زجت بهم تلك الشركات الكبرى في عمليات شرائية او خدماتية لم يستطيعوا قانونياً التخلص من شباكها وانتهت حياتهم ومستقبلهم إلى المجهول.

من تلك الشركات الكبرى بعض الشركات العقارية وبعض البنوك وشركات الاتصالات. والمؤسف أن يمتد تأثيرات تلك الشركات على الأفراد، خاصة غير المواطنين، حتى بلدانهم الأم. فتظل الديون تلاحقهم حتى تسديد آخر فلس في ذمتهم لتلك الشركات. ومن المعروف عالميا أن البنوك والشركات العقارية وشركات الاتصالات غالبا ما تلجأ في تسويق بضاعتها إلى طرق قانونية ولكنها غير واضحة للمتسوق البسيط.

وتصور له الأمر وكأنه مجرد شراء بضاعة أو خدمة عادية ولكنها مدركة بأنها في حال حدوث أي خلل بسيط في المعاملة فإنها سوف تدخل المتعامل في حلقة مفرغة لن يخرج منها بسهولة وقد تكلفه الكثير.

نسمع عن قصص كثيرة لأشخاص دخلوا في مثل هذه الشباك ولم يستطيعوا الخروج منها بسهولة. أشخاص تراءت لهم مخايل شراء منزل العمر أو اخذ سلفة بنكية لقضاء إجازة الأحلام أو لشراء سيارة فارهة أو حتى اخذ باقة معلوماتية بسيطة كلفتهم الآلاف من الدراهم وهم في غنى عنها.

نسمع تلك الحكايات التي يعقبها دائما كلمة "لم أعلم ذلك أو لم يشرح لي أحد" ونتألم ولكن أيضا القانون كما يقال عنه لا يرحم الجاهلين. الشيء الوحيد الذي يمكننا أن نقوله هو سامح الله تلك الشركات التي تبني أرباحها بل مجدها على حساب جهل المتعاملين.

لقد رفعت الإمارات شعارات الجودة والتميز وأيضاً حضت المتعامل على أن يعرف حقوقه ويطالب بها حين احساسه بالغبن أو سلب الحقوق.

ولكن قلة من الناس أيضا تلجأ إلى الوسائل والإجراءات التوعوية لتثقيف نفسها بحقوقها. فالكثير من المؤسسات صريحة وواضحة حين وضعت كتيبات وملصقات تشرح فيها حقوق المتعامل، وبالتالي تستطيع أن تزعم بأنها برأت ذمتها من تهم الاستغلال أو الغش.

ولكن الكثير من الشركات أيضا لا زالت تلجأ إلى الأساليب الملتوية للترويج لبضاعتها وخدماتها على الرغم من وجود الرقابة الحكومية الصارمة. فلديها خبراء على علم بالقانون وعلى علم أيضا بكيفية استدراج الشخص البسيط وهكذا يقع ذلك المتعامل في شراكها وبسهولة.

إن للترويج للشركات والمؤسسات التجارية أصولاً يجب أن لا تتخطاها كما أن عليها مسؤوليات مجتمعية كبيرة تجاه عملائها.

فلا يجب عليها بناء أرباحها العالية على جهل المتعامل البسيط وحقوقه المالية المهدورة. فنحن نفرح كثيرا لربحية المؤسسات والشركات التجارية خاصة الوطنية منها لأنها وصلت إلى مستوى التنافسية مع الشركات العالمية ولكننا نشعر بالحزن لأنها لجأت في بعض الأحيان إلى طرق ملتوية لتحقيق ذلك الربح.

إن حكومة دولة الإمارات حين تطبق أفضل الممارسات العالمية فإنها إنما تفعل ذلك وفي ذهنها كل أطياف المتعاملين بمن فيهم المتعامل البسيط الذي سوف يستفيد من تلك الخدمات.

وعندما رفع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم شعار التميز والتقدم دوما إلى الأمام لنصل إلى مصاف الدول المتقدمة، إنما رفعه لمصلحة الجميع وليس أصحاب رؤوس الأموال والشركات.

وما لم يثقف الجميع أنفسهم بحقوقهم ويعرفوا جيدا موطئ أقدامهم فإننا سنظل ندور في حلقة الرابح والخاسر.

Email