رحلة لويل وغلير إلى مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء اكتشاف الفنانين الأميركيين لمصر متأخراً، بالنظر إلى أنهم كانوا أكثر اهتماماً بطبيعتهم الخلابة، وأقل اهتماماً بالماضي، أو مؤشرات القوة والعظمة المنتميين إلى الماضي.

والفنانون الذين سافروا توجهوا إلى الأرض المقدسة بماضيها الذي أورده الكتاب المقدس. قليل من الرحالة توجهوا إلى مصر قبل عام 1865، وفي مقدمتهم جون لويل (1799-1836) وتشارلز غلير (1806-74). وفي نوفمبر 1832 غادر جون لويل من ماساشوستس، الذي أحزنته وفاة زوجته الشابة وابنتيه في وباء الحمى القرمزية، الولايات المتحدة في زيارة إلى الصين، عبر أوروبا ومصر والهند.

ارتحل لويل في مصر بدءاً من يناير إلى نوفمبر عام 1835، مصطحباً معه باعتباره صحافيا »فنيا« الفنان الفرنسي السويسري تشالرز غلير. لويل لم يرسم، وأوصى الرسام الاستشراقي هوراس فرنيه بغلير، الذي كان آنذاك مدير الأكاديمية الفرنسية في روما. لويل وافق على دفع كل التكاليف وراتب شهري لقاء أن يبدع غلير، وهو حرفي ورسام موهوب..

بالألوان المائية مشهداً طوبوغرافيا ورسماً للأزياء عند كل موقع تتم زيارته. وقد كان لويل هو الذي فرض الصور التي يتعين على غلير رسمها أو تصويرها له.

وعلى امتداد نهر النيل، توقفا في بني حسن وأسيوط وطيبة وإسنا ووصلا إلى معبد أبو سمبل في يوليو، ومن هناك ارتحلا جنوباً عبر النوبة العليا والسودان، وهي الأماكن التي زارها قلائل من الغرب. المجلد الناتج يعد ثريا، والكثير من الصور تعد سجلات للمواقع.

وفي طيبة خلبت العظمة الاستثنائية للآثار لب غلير وأكمل فيها أكثر من 20 عملًا. المختلف والغريب في ما يخص رسومات كل من لويل وغلير، وما سبق بـ 20 أو 30 عاماً الرسومات لهذه الآثار التي أبدعها فنانون أوروبيون هو تصوير الحياة المعاصرة، حيث جمعا بين العمارة والبشر. وعلى الرغم من سحر جميع تلك اللوحات، فإنها لم يكن لها أي تأثير على فناني القرن التاسع عشر الآخرين.

وانفصل الفنانان بسبب التشاحن بينهما في الحادي عشر من نوفمبر عام 1835 في الخرطوم. وسافر القليل من الغربيين في صحراء النوبة قبلهما، فقد كان الترحال صعباً.

وغالباً ما كان الرجلان يصابان بالمرض واختلف الفنانان المكتئبان على نحو متزايد. وتوجه لويل إلى بومباي، وتوفي هناك عقب أشهر قلائل متأثراً بوباء الكوليرا. وأعيد إرسال 87 رسماً تخطيطياً و 68 لوحة مائية كانت من مقتنياته إلى الولايات المتحدة عام 1835، ولم تظهر للعيان إلا عام 1976. وهذا المجلد موجود اليوم موجود في مجموعة لويل في متحف بوسطن للفنون الجميلة.

وبالنسبة إلى غلير المريض والمكتئب والأعمى تقريباً والمصاب بالتهاب العيون فقد ظل في السودان عاماً كاملاً، ومن ثم توجه إلى بيروت، قبل أن يعود إلى جنوبي أوروبا في أكتوبر عام 1837، وقد تداعت قدراته البدنية.

الألوان المائية والرسومات والمسودات التي رسمها لنفسه بين إبريل 1834 ونوفمبر عام 1835 وأعمال لويل الأخرى حفظت في خزانة لمدة 35 عاماً. وعثر عليها عقب وفاة غلير عام 1874، إلا أنها لم تلفت انتباهاً يعتد به حتى معرضه المئوي في عام 1974.

وفي عام 1976 فحسب كشف النقاب عن علاقة الراعي والفنان بين لويل وغلير. رسومات غلير الدقيقة عن الأماكن والأشخاص التي رسمت خلال عامين ونصف في الشرق القريب لم تحفز تلاميذه. فقد رفض الاستشراق وتبنى أسلوباً أكاديمياً كلاسيكياً. وقام بالتدريس لأكثر من 20 سنة، ولاتزال لوحاته عن مصر تستخدم من قبل الفنانين »المستشرقين« الأميركيين.

Email