نصيحة للديمقراطيين المنقسمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ضوء الوضعية الراهنة للانتخابات التمهيدية الأميركية، لدي اقتراحات لمؤيدي كل من هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز لن يحبذها أي منهما.

أولا، نصيحتي إلى مؤيدي كلينتون: لا تخرجوا ساندرز من السباق الرئاسي يقول البعض منهم إن ساندرز لا ينبغي أن يذعن ويخرج من الانتخابات. لأنه ليست لديه فرصة لترشيحه من قبل الحزب. واستمرار ترشيحه يضر بفرص كلينتون.

صحيح أن فرص ساندرز محدودة وربما معدومة، ولكن ليس من الدقة القول إنه ليست لديه فرصة. لكن يجب على ساندرز البقاء في السباق أيضا لأنه جذب عددا كبيرا من الشباب والمستقلين. رغبتهم وحماسهم وإثارتهم أمور مهمة جدا كي تنجح كلينتون، في حال كانت هي المرشح، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى نجاح الديمقراطيين الآخرين هذا العام، والأكثر من ذلك إلى مستقبل السياسة الأميركية.

وأخيرا وليس آخرا، فإن ساندرز كان يقول حقيقة أساسية عن نظام أميركا الاقتصادي السياسي عندما أشار إلى أن عدم المساواة المتزايد في الدخل والثروة أفضى إلى زيادة السلطة السياسية لدى من هم في القمة، بما فيهم الشركات الكبرى، ووول ستريت. وتلك القوة السياسية راكمت الأوراق لصالحها مما أفضى إلى مزيد من عدم المساواة الأوسع نطاقا.

لا يمكن تحقيق شيء مهم، وتعديل وضعية التغير المناخي لإيجاد فرص متساوية حقيقية، والتغلب على العنصرية، إعادة بناء الطبقة الوسطى، وضع سياسة خارجية سليمة ومعقولة إلى أن نستعيد ديمقراطيتنا من المصالح المستندة إلى المال. وكلما طال بقاء ساندرز في الساحة لإيصال هذه الرسالة كان الأمر أفضل.

وعقب ذلك فنصيحتي إلى مؤيدي ساندرز هي أن يكونوا جاهزين للعمل بجد من أجل كلينتون. يقول بعضكم إن رفض النضال من أجل كلينتون أو حتى التصويت لها سيوضح للمؤسسة الديمقراطية لماذا ينبغي أن تغير طرقها في معالجة الأمور.

ولكن «المؤسسة السياسية الديمقراطية» ليست إلا مجموعة من الناس الكثير منهم متبرعون وجامعو تبرعات كبار يحتلون مناصب مريحة ومميزة، ممن لا يدركون أنكم قد قررتم إخراج المؤسسة ما لم تخسر كلينتون أمام دونالد ترامب. وهذا ما يوصلني إلى هؤلاء الذين يقولون إنه ليس هناك فارق حقيقي بين كلينتون وترامب.

هذا خطأ محض. فترامب كشف عن نفسه باعتباره نرجسيا وداعية لكراهية الأجانب، وفي حال انتخب فإنه سيضفي الشرعية على التعصب وسيعين قضاة في المحكمة الأميركية العليا لهم قيم رهيبة وسيصل إلى الزر الذي يمكن أن يطلق حربا نووية.

وقد لا تبدي كلينتون سخطا كالذي يبديه ساندرز إزاء التلاعب بالاقتصاد والديمقراطية، أو قد لا تكون راغبة في المضي بعيدا في معالجة المسألة، ولكنها أثبتت أنها قيادية قادرة ومسؤولة. ويوافق بعضكم على أن رئاسة ترامب ستكون كارثية ولكن يزعمون أنها ستصقل لحظة تقدمية قوية في معرض الرد.

ذلك أمر غير محتمل فمن النادر أن التاريخ تأرجح بقوة إلى اليمين ساحبا البندول السياسي إلى الوراء في الاتجاه المعاكس. وبدلا من ذلك فإنه يميل إلى تحريك الوسط إلى اليمين كما فعل رونالد ريغان. وإلى جانب ذلك، فإن بمقدور ترامب إلحاق ضرر هائل وغير قابل للتعديل بأميركا والعالم في الوقت ذاته.

وأخيرا، قد يقول بعضكم إنه إذا كانت كلينتون أفضل من ترامب فإنكم قد سئمتم باختيار «أهون الشرين»، وسوف تنتخبون ضميركم إما عن طريق كتابة اسم ساندرز أو التصويت لمرشح حزب الخضر أو الامتناع عن التصويت مطلقا.

ولا يمكنني انتقاد أي شخص للتصويت بما يعبر عن ضميره بالطبع. ولكن ضميركم يجب أن يعرف أن قرارا بعدم التصويت إلى كلينتون إذا ما أصبحت مرشح الحزب الديمقراطي هو قرار بمساعدة ترامب من حيث الأمر الواقع.

كل من النصيحتين اللتين قدمتهما يصعب قبولهما، فالعديد من مؤيدي كلينتون لا يريدون أن يواصل ساندرز حملته والكثير من مؤيدي ساندرز لا يريدون دعم كلينتون إذا اعتمدت مرشحة للحزب الديمقراطي.

ولكن يجب قبول النصيحتين، ليس من أجل صالح الحزب الديمقراطي فحسب وإنما من أجل صالح أميركا.

Email