2016 بلا إرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

نطمح كما يطمح العالم أن يكون العام المقبل عاماً بلا إرهاب ولا تطرف ولا دماء، نتمنى كما يتمنى جميع العقلاء على وجه الأرض أن يكون 2016 عاماً للتصالح مع الذات والآخر، عاماً لوقف شلالات الدماء ونزيف القدرات واستنزاف الشباب، أن يكون عاماً بلا تشريد أو لاجئين، أن يكون بلا ملاجئ ولا مخيمات، أن يكون عاماً لأن تعود الإنسانية إلى رشدها بأن تنبذ التطرف ودعاته، وأن تخمد الإرهاب وسدنته.

هذه الأمنيات والطموحات على الرغم من بساطتها وقربها من نفوس جميع البشر، إلا أن الواقع الإنساني لا يزال في كثير من الأماكن يصر على أن يجعل منها عقداً عصية الحل، بل إن كثيراً من أصحاب الأهواء لا يزالون يعزفون على وترها جاعلين من تقسيمات الولاء والبراء حدوداً تقصم ظهر الإنسانية، وتقتل آخر بصيص للأمل في يوم تشرق فيه الشمس بلا دماء ولا قتل ولا تدمير.

كعادتها دولة الإمارات، تستبق المستقبل لاستشراف أفضل أوقاته، فأعلنت قبل أيام على لسان ثلة من أرباب العلم والعقلاء، ضمن منتدى السلم الذي عقد في أبوظبي تحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وبرئاسة عبد الله بن بية، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية، وبحضور نخبة من العلماء وأصحاب الفضيلة والسماحة المفكرين، أن عام 2016 سيكون عاماً لمكافحة التطرف والإرهاب، مع تسريع إنتاج ووضع خطط قريبة المدى للتدخل في مناطق التوتر في المجتمعات الإسلامية والإنسانية، وخطط سريعة لإصدار منتجات علمية وفكرية، لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وتأصيل قيم السلم، مع قرب الإعلان عن أول موسوعة في التاريخ الإسلامي حول موضوع السلم.

تشخيص أسباب سقوط الشباب في براثن الإرهاب، ووصف الأدوية الناجعة لوقايتهم من هذا الداء، ثم القضاء عليه أبرز الأهداف، التي انطلق منها علماء المنتدى، ودعوا إلى العمل على تطبيقها بأسرع ما يمكن حتى لا يتسع «الخرق على الراقع»، كما يقال، وحتى لا يصبح شبابنا فرائس سهلة لهذا الوباء العالمي وليس العربي أو الإسلامي فحسب.

في منتصف العام الحالي، أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قانوناً لمكافحة التمييز والكراهية، الذي يجرم كل أشكال ازدراء الأديان والمقدسات وخطابات الكراهية والتكفير، كما يحظر ويجرم كل أشكال التمييز على أساس الدين أو العقيدة أو الطائفة أو المذهب أو الأصل أو العرق أو اللون، ويضع عقوبات مشددة لذلك، بل ويجرم كل قول أو فعل يدعو إلى إثارة الفتن والنعرات أو استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات.

يومها قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إن «وحدة المجتمع وتماسكه والمساواة بين جميع أفراده من دون تمييز هي ضمان لاستقراره وسعادته، والفتن والجدل وإثارة الكراهية هي تفكيك له من داخله».

هذا الفكر المنفتح المتصالح مع الآخر القابل للتعايش مع اختلافات الناس هو ما تحمل لواءه دولة الإمارات، مؤكدة حق الناس أجمع في العيش بكرامة الإنسانية، التي فطر الله تعالى الناس عليها، ودعت إليها جميع القوانين والشراع والبشرية.

هذا القانون يصلح أرضية عالمية تبني عليها الأمم نظرتها للآخر، وتستند إليه في حربها المفتوحة ضد الإرهاب، مهما كان مصدره، ومهما تعددت شعاراته، ومنع العبث بحياة الناس وأمنهم واختياراتهم الشخصية والمجتمعية وعيشهم المشترك.

نحتاج إلى تكاتف العالم لمحاربة وباء العالم، لأننا بأمس الحاجة لحماية أبنائنا من لوثة الإرهاب وشرارته، التي لا تبقي ولا تذر.

Email