محطتان فى جولة الرئيس الآسيوية

ت + ت - الحجم الطبيعي

استرعى نظري فى هذه الجولة أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زار فيها أصغر دولة فى العالم كما زار أيضاً أكبر دولة فى العالم.

أما أصغر دولة فى العالم فهي «سنغافورة» والتي لا يزيد عمرها كدولة عن نصف قرن إلا قليلاً حيث بدأت كدولة مستقلة فى عام 1965 وهو العام الذي انضمت فيه إلى هيئة الأمم.

ولا يزيد سكان سنغافورة عن خمسة ملايين نسمة منهم كثير من الوافدين من الدول الآسيوية المجاورة.

وهذه الدولة التي تعد أصغر دول العالم والتي يطلق عليها الدولة «الميناء» أو الدولة «المدينة » هذه الدولة الصغيرة بلغ ناتجها القومي الإجمالي في العام الماضي – 2014 بمبلغ 308 مليارات دولار..

والذي يدعو إلى الدهشة حقاً أن هذا الناتج لأصغر دولة في العالم يزيد على الناتج القومي لدولة عريقة بلغ تعداد سكانها قرابة تسعين مليون نسمة اسمها مصر يزيد هذا الناتج الإجمالي لسنغافورة على مصر بما يعادل 10% من الناتج المصري. هكذا الدول التي تأخذ أمورها بجد وبصرامة وإيمان عميق بسيادة القانون.

زرت جزيرة سنغافورة منذ عدة سنوات وأدهشتنا نظافتها التي لم أر مثلها في كثير من بلاد العالم التي زرتها في الغرب والشرق.

ولما كانت سنغافورة بلداً تتعدد فيه الأديان ففيها المسلم والبوذي والمسيحي فقد أنشئ فيها مركز يسمى «مركز الوئام الديني» الذي من أهدافه إحداث نوع من التقارب بين الأديان وتعزيز الحوار بين مختلف الأديان والمعتقدات من أجل تحقيق المحبة والتعايش السلمي بين الطوائف .

وقد أحسن السيد الرئيس بأن افتتح زيارته لسنغافورة بزيارة هذا المركز التي تحدث قادته عن فضل الأزهر على الإسلام السني الوسطي وعن أن كثيراً من الطلبة السنغافوريين يدرسون في جامعة الأزهر ويعودون إلى بلادهم للعمل أساسا في مهنة التدريس.

كذلك فإن من أهم أهداف زيارة الرئيس لهذا البلد الناهض الصغير زيارة محطات توليد المياه ومحطات توليد الكهرباء ودعوتها للمشاركة في المشروعات التي نتطلع إلى إقامتها في منطقة قناة السويس.

ولعل وجود الفريق مميش ضمن كبار الوفد المصري يدل دلالة خاصة على مدى الاهتمام بدراسة ميناء سنغافورة الذي هو أكبر مميز لها ومحاولة الاستفادة من تنظيمه وطريقة سير العمل فيه مما جعل هذا الميناء في هذا البلد الصغير من أكبر وأحدث موانئ العالم ومن أكثرها خدمة للملاحة العالمية.

والفضل في ذلك كله يرجع إلى القيادات المؤمنة ببلدها وإلى المواطن العادي الذي لا يتخلف قط عن العمل المنظم الجاد.

حياك الله يا سنغافورة. وبعد أصغر دولة في العالم يزور الرئيس أكبر دولة في العالم ألا وهي العملاق الآسيوي الصيني العظيم.

ومصر تبني علاقاتها مع دول العالم المختلفة على رغبة هذه الدول في إقامة علاقات شراكة بين متساوين حتى وان اختلفت الإمكانات الاقتصادية اختلافا كبيراً نحن ندرك حجم الصين وحجم روسيا ونحن لا نعادي أحداً حتى الولايات المتحدة رغم كل ما بدر منها في حق مصر.

ونعود إلى زيارة العملاق الصيني والرغبة في إقامة علاقات استراتيجية بين البلدين وإبرام اتفاقيات لزيادة الاستثمارات الصينية في مصر واعتبار مصر هي بوابة الصين نحو منطقة إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بصفة عامة.

والصين لها في مصر حالياً العديد من المشروعات وكثير من الاستثمارات ولكن نحن في حاجة إلى تمويل العديد من الصناعات المتوسطة والصغيرة وهو ما أتقنته الصين وهي تبنى نهضتها بعد أن تخلصت من حروب الأفيون وتخلصت من كثير من الآفات.

لقد زرت الصين أكثر من مرة وشدني الدقة في تنظيم كل شيء، بدءاً من الطعام على الموائد التي تدور بالأطباق العديدة التي تتفق مع كل الأذواق في العالم الذي يزور الصين.

وإلى جوار خبرة الصناعات المتوسطة والصغيرة والتي قدمت الصين من أجلها مائة مليون دولار قرضاً من بنك التنمية الصيني إلى البنك الأهلي المصري.

وتهتم زيارة الرئيس أيضاً بتنمية العلاقات فى مجالات الكهرباء والاتصالات كل ذلك بالإضافة إلى تشجيع الاستثمارات الصينية في مصر.

وأذكر أنني قابلت ذات مرة أحد المسؤولين الصينيين وسألني ماذا تريدون من الصين فقلت له جاداً ومازحاً في الوقت نفسه «خمسين مليون سائح في العام» ولا يستكثر ذلك على الشعب الصيني أكبر شعوب الأرض.

رئيس الجمهورية يبذل جهداً خارقاً من أجل وضع مصر على خريطة العالم، ولكن ذلك الجهد لا يكفي لا بد وأن نحمل جميعاً هذا البلد الطيب – مصر العزيزة – على أكتافنا ونخطو بها إلى الأمام.

إن المسؤولية علينا جميعاً وليست على الرئيس عبد الفتاح السيسي وحده ولا على رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب وأعضاء مجلس الوزراء الذين أشرف بمعرفة العديد منهم وأعلم مدى ما يبذلون من جهد من أجل بلدهم.

مصر تستحق منا جميعاً كل البذل وكل العطاء.

وسأظل أذكر دائماً قول الشاعر:

يا مصر أنت بذرتني ونميتني فلمن سواك جناي بعد نمائي

لقد أعطتنا مصر كل شيء، وعلينا أن نبادلها عطاءً بعطاء.

و الله المستعان ..

 

Email