خلايا «حزب الله» النائمة في الكويت تستدعي الاستيقاظ

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد اكتشاف مخبأ سرّي كبير للأسلحة في الكويت تملكه إحدى خلايا «حزب الله» النائمة المتّهمة بالتآمر لقلب نظام الحكم، ومن ضمن الأسلحة التي تم العثور عليها قاذفات صواريخ ومدافع رشاشة وقنابل يدوية، يجب التعامل مع هذا الحدث باعتباره مؤشراً عن النوايا الخبيثة التي تضمرها طهران وعملاؤها، وخصوصاً حزب الله، وعلى دول مجلس التعاون الخليجي أن تتحرّك على الفور، وألا تكتفي فقط بالإدانة الشفهية.

يبدو أن هذه الخلايا موجودة منذ 16 عاماً وتنتظر اللحظة المناسبة لتسديد ضربتها.

كشفت إحدى الصحف أن جميع المشتبه بهم الكويتيين واللبنانيين والإيرانيين، وعددهم 25، تلقّوا تدريبهم في لبنان، وذكرت أن أحد أجهزة الاستخبارات الأجنبية حذّر وزارة الداخلية الكويتية قبل نحو عام من مؤامرة إرهابية وشيكة «تستهدف الكويت على أيدي خلية نائمة تابعة لحزب الله».

تشكّل دول الخليج معاً جسماً متداخلاً على أساس الجغرافيا والتاريخ المشترك وروابط الدم.

عندما يُصاب أحد أطراف الجسم، تصبح الأعضاء الأخرى أكثر هشاشة.

لذلك يقع على عاتق جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي اتخاذ الإجراءات الأشد صرامة لحماية حدودها، واستخدام كل الأدوات المتاحة للقضاء على من يريدون إلحاق الأذى بنا.

أعرب متحدّثون عبر قناة «العربية» عن دهشتهم إزاء إحجام الكويت عن القيام بتحرك حاسم لدرء هذه الأنواع من التهديدات. أوافقهم الرأي تماماً، على ضوء التدخل الإيراني المدمّر في البحرين واليمن وسوريا ولبنان وأماكن أخرى.

إيران هي العقل المدبّر خلف عدد كبير من الاضطرابات الإقليمية، لكن «حزب الله» هو المنفِّذ. ينبغي على الكويت أن تتخذ تدابير مشدّدة، لكن ربما تحول منظومة الحكم الديمقراطية والدستور دون تمكُّن السلطات من فرض إجراءات أكثر تشدّداً وحزماً.

يميل الكويتيون إلى تبجيل الدستور، لكن إذا كانت الأحكام المضمّنة في الدستور حول الحريات المدنية تُعرِّض البلاد للخطر فيجب تغييرها من أجل إطلاق يد الحكومة كي تتمكّن من التصدّي للأفراد أو الأحزاب ذوي الروابط المشبوهة مع حكومات ومنظمات أجنبية.

لقد أصابت الصحافية الكويتية منى الفزي عندما كتبت: «أظن أن المسألة الملحة هنا ليست الاكتفاء بتوقيف مواطنين يخبئون أسلحة، إنما كيفية وضع حد لتدخل الأفرقاء المحسوبين والموالين لإيران في دول الخليج، سواء في الكويت أو سواها من الدول، وأولئك الذين يدعمونهم...».

في الواقع، إذا كانت الحرية الديمقراطية تعني تشريع أبواب المنزل أمام الأعداء، أياً كان القناع الذي يتنكّرون به، فنحن بغنى عنها! لا ننخدعنّ بوهم الديمقراطية ذات النمط الغربي. في رأيي، يقف مجلس الأمة الكويتي عائقاً أمام تحقيق الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي في البلاد، ويحول دون تبنّي سياسات أمنية صارمة. تتيح الآلية الديمقراطية تسلّل أفرقاء يخدمون سراً الأجندة الإيرانية.

قبل سنوات، أظهر بعض البرلمانيين الكويتيين ولاءهم لـ«حزب الله» خلال زيارات قاموا بها إلى لبنان؛ وهذا سلوكٌ مستهجن ومروّع، لا سيما على ضوء الهجمات المتعددة ومحاولات الاغتيال التي نفّذها «حزب الله» في الكويت خلال الثمانينيات.

على الكويت أن تطهّر برلمانها من النواب الخونة المقرّبين جداً من إيران.

كانت الكويت واحدة من أوائل البلدان التي أعلنت أن «حزب الله» تنظيم إرهابي، بيد أن الحزب لا يزال ناشطاً على الأراضي الكويتية. لا يجب أن يُسمح لأي مواطن بأن يهدّد الأمن القومي الكويتي، وكل من يحاول القيام بذلك، يجب أن يواجه عقوبة الإعدام.

لا بدّ من ضبط وتصحيح التجربة الكويتية مع الديمقراطية.

أناشد الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، لا سيما السعودية والإمارات العربية المتحدة، أن تطلب من دولة الكويت، بكل احترام، أن تفرض أولاً حال الطوارئ في البلاد.

علاوةً على ذلك، يجب أن تكون كل واحدة من دول الخليج في حالة تأهب تحسباً للمؤامرات الإيرانية.

تمتد جذور معظم المشكلات التي تتخبّط فيها المنطقة إلى التعطّش الإيراني للهيمنة. هذا أمر معلوم! ولذلك فإن تصوير إدارة أوباما لإيران بأنها كيان سويّ يحاول أن يكون جاراً ودوداً، إهانةٌ لذكائنا.

لم نصبح أكثر أماناً لمجرد محاولة كبح الأطماع النووية الإيرانية لمدة عشر سنوات؛ على النقيض، سرعان ما سيحصل الأئمة على 80 مليار دولار أميركي سوف يستخدمونها لتمويل عملاء طهران وأتباعها الذين ينشرون الاضطرابات في المنطقة. والدليل على ذلك الكلام الذي خرج مباشرةً من فم أحد المسؤولين الإيرانيين.

فقد قال علي أكبر ولايتي، وهو مسؤول إيراني رفيع المستوى يتولّى أيضاً منصب أمين عام المجمع العالمي للصحوة الإسلامية: «سوف تدعم الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الدوام جبهة المقاومة الحالية، وبالطبع، سوف تتمتع، بعد توقيع الاتفاق النووي، بمزيد من النفوذ للوقوف إلى جانب أصدقائها في المنطقة».

تسعى إيران و«حزب الله» الذي يدور في فلكها خلف هدف واحد، للهيمنة الإيديولوجيّة والجغرافية على العالم العربي؛ وهدفها الأساسي هو دول الخليج الغنية بالنفط. لماذا تحافظ دول الخليج على علاقات دبلوماسية مع دولة تتباهى بسيطرتها على العواصم العربية، وتستخدم عملاء لمحاولة إطاحة دولنا؟

لقيت الدعوة التي وجّهها وزير الخارجية القطري خالد العطية للحوار بين مجلس التعاون الخليجي وإيران، دعماً من سلطنة عمان، لكن السعودية والإمارات والبحرين أبدت، عن حق، تحفظات عميقة بشأنها. لا تسعى إيران إلى المصالحة، بل إلى الهيمنة، ولا ينبغي على دول الخليج التورّط في هذه اللعبة التي هي بمثابة دعاية ترويجية مخصصة للاستهلاك الغربي.

على دول مجلس التعاون الخليجي أن تقطع روابطها الدبلوماسية والاقتصادية كافة مع طهران وبيروت، بدءاً بسحب سفرائها من إيران ولبنان الذي حصل على مساعدات بقيمة مليارات الدولارات من البلدان التي يهاجمها «حزب الله». يا له من جحود مثير للصدمة!

لقد كتبت للكويت النجاة من الرصاصة هذه المرة. ينبغي على قادتنا أن يبذلوا كل ما بوسعهم من جهود كي لا نقع في المحظور.

Email