صديق السوء.. مقاربة سايكوسوسيولوجية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصديق هو ذلك الشخص الذي تكون معه كما تكون مع نفسك اي هو الانسان الذي تعتبره بمثابة النفس تجمعك به علاقة صداقة يمكن تفسيرها بعلاقة اجتماعية بين شخصين او اكثر تقوم على اساس المودة والتعاون والثقة المتبادلين. واعتمادا على هذا التعريف الشائع لمفهوم الصديق فإن علاقة الصداقة لا يمكن ان تكون سببا للمشاكل والمتاعب لكن ليس دائما فغالبا ما يستغل مفهوم الصداقة لأغراض سيئة قد تودي بحياة الافراد احيانا او تضر مستقبلهم.

وتجدر الاشارة الى انه رغم تحضر اغلب المجتمعات وتفتحها الا انها من الصعب ان تكون خالية من هذه الفئة من الاشخاص ولذلك على الفرد ان يحاول قدر الامكان ان يتقيهم ويكون في غنى عنهم.

ان الحياة الاجتماعية والصداقة امران مهمان في حياة الفرد النفسية لكن هذه الحاجة الملحة يجب الا تجعلنا نتسرع في اختيار الصديق الذي قد يكون له تأثير كبير على حياتنا في المستقبل كما يجب متابعة سلوكياته ومعرفة تاريخه الاجتماعي فأصدقاء السوء عادة ما يكون لهم سوابق اجتماعية نتيجة لسلوكياتهم.

ومن الصفات التي يمكن ان نعرف بها صديق السوء صفة المصلحة التي تغلب على كل تصرفاته حيث يعمل دائما على اتمام مصالحه على حساب صديقه حتى وان كان في ذلك ضرر لصديقه وهو ما يمكن تسميته بالاستغلال كذلك من صفاته الخيانة وعدم الولاء لصديقه والقدرة على الاستغناء عنه في اي وقت فضلا عن انعدام مبدأ الثقة في هذا الشخص.

هذه الصفات يجب على الفرد الانتباه اليها جيدا والتأكد منها قبل اختياره للصديق كما يجب تعلم الطريقة الصحيحة للتعامل بها مع اصدقاء السوء الذين زاد عددهم في حياة كل انسان في الوقت الحالي فهذه الفئة يجب التعامل معها بكل غلظة وحزم ونوع من الشدة التي توحي لهم بعدم الرضا على ما يقومون به.

وفي الكثير من القضايا الجنائية التي تعلن عنها الجهات المعنية نجد ان اصدقاء السوء هم السبب الرئيسي والمباشر في تورط الجاني في ارتكاب هذه القضايا فالصاحب ساحب وصديق السوء دائما يسحب اصدقاءه الى التهلكة والانحراف فدور الآباء والامهات في هذه الصداقات امر مهم وواجب كما يجب عليهم ابعاد ابنائهم من الوقوع في كوارث وخسائر لا تنتهي .

والمقصود بالخسائر هنا ضياع الابن اما بانحرافه السلوكي وسقوطه في هاوية الادمان وتعاطي المخدرات التي غررت بحياة الكثير من الشباب او قد ينساق الابن وراء ارتكاب افعال اجرامية او يشارك في مشاجرات ومشاحنات وتجمعات سوء وغير ذلك من الافعال المخالفة التي يقف وراء اغلبها رفقاء السوء لذا كان لزاما ان يتدخل الآباء في صداقات ابنائهم حتى لا يتدمر فلذات اكبادهم ويضيع مستقبلهم وآمالهم والمحافظة عليهم من اية انتكاسات فهم الجيل القادم الواجب ان يكون مسلحا بالعلم الجيد والثقافة الواسعة والسلوك القويم والشخصية القوية.

ويجمع الكثيرون على ان بقاء الآباء بالقرب من ابنائهم هو سلاح ذو حدين ايجابيين فمن جهة يمنع الابناء من التحاقهم برفقاء السوء ومن جهة اخرى يحفزهم على كسر الحواجز الاسرية ما يفتح باب الشفافية بين الابن ووالديه.

كما ان المدارس تعتبر الساحة الاساسية لوجود رفقاء السوء لذا فلها الدور الكبير في توعية الطلاب وتقوية سلوكهم من خلال تعزيز المفاهيم والمبادئ والقيم التربوية وكذلك المناهج والانشطة التي تعلمهم كيفية الحفاظ على انفسهم من التواصل مع رفقاء السوء فالأمر بشكل عام يحتاج الى تكاثف جميع الجهود على مختلف المستويات وتكثيف الحملات التثقيفية من خلال وسائل الاعلام وربط الطلبة بالقيم والاصول والعادات والتقاليد وبالتعاون والنقاش والحوار وبذلك نستطيع ان نجعل من رفقاء السوء رفقاء ايجابيين.

ورغم كل ما سبق ذكره يجب الا نجعل خوفنا من صداقة السوء يخسرنا علاقاتنا الاجتماعية الجيدة والا نسمح بان يصبح خوفا مرضيا يحرمنا من الدخول في تجارب جديدة ويبقى الاهم ان نحسن التفريق بين الصديق الصادق وصديق السوء.

 

Email