تجاهل القانون أكبر مهدد لأميركا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يفلح البرابرة عند البوابات في إسقاط الحضارات التي توجت بالنجاح يوماً، ولا يفلح التغير المناخي في ذلك، وحتى الأوبئة الجماعية مثل الطاعون الذي أهلك بيزنطة في القرن السادس لا يدمر الثقافة بالضرورة، والأخطر من ذلك بكثير هو الفساد المؤسسي ونقص الشفافية وإهمال القوانين القائمة.

ولن تنقذ كل اليوروهات الألمانية في العالم اليونان في حال واصل اليونانيون تفادي دفع الضرائب. والأسوأ من ذلك هو حكومة تفتقر إلى الشفافية فضلاً عن اعتبار الفساد طريقة للعمل.

وليس من قبيل المصادفة أن البلاد التي يخالف فيها السائقون إشارات المرور عمداً ويرمون القمامة من الشباك هي ذاتها البلاد التي تزوّر دفاترها بنفسها وتكذب على دائنيها، فكل شيء بدءاً من رمي النفايات حتى زيادة سرعة السيارات يبدو أمراً قابلاً للتفاوض حوله في أثينا بطريقة لا تشبه تلك الخاصة بميونخ أو زيوريخ أو لندن.

وتعتبر المكسيك أغنى من اليونان كثيراً بالموارد الطبيعية، وهي غنية بالنفط والمعادن الثمينة والتربة الخصبة والشواطئ الطويلة والطقس الحار، ولا يتوجب على مئات آلاف من المكسيكيين التصويت بأقدامهم لرفض بلادهم من أجل الولايات المتحدة الأميركية.

ولكن المكسيك غارقة أيضاً في الفوضى لأن الشرطة لا تزال تتوقع الرشى، وحقوق الملكية مشكوك فيها، والحكومة تعمل عادة لمن يدفع العمولة، والنتيجة هي أن الناس في شمال الحدود الأميركية المكسيكية فقط وليس جنوبها يمكنهم توقع الارتقاء، وأن يجدوا ماءً نظيفاً وأن يتبنوا معايير السلامة العامة والسلطة الموثوق بها.

وفي كثير من دول الشرق الأوسط وإفريقيا فإن القبلية والبربرية وليست الملكية هي التي تحدد من يعين ومن يخرج من العمل، ومن يربح ومن يخسر ومن يحصل على الخدمات العامة ومن لا يحصل عليها. الأميركيون أيضاً يجب أن يقلقوا من عوارض التحلل القديمة هذه.

ما يخيف في معرفة لويس ليرنر بعمليات التدقيق الانتقائية للجماعات على أساس سياساتهم لا يبدو أمراً يمكن تجاهله، ولكن على ما يبدو أنها افترضت أنه لا أحد سيعرف الحقيقة، وقد تكون محقة، فحتى الآن لا أحد أظهر في دائرة الإيرادات الداخلية ندماً على إفساد نظام قائم على شرف الامتثال الضريبي.

ودائماً ما كانت الهجرة غير الشرعية موضوعاً يتداول في الأخبار اليومية في الآونة الأخيرة إلى جانب قضية دونالد ترامب السياسية، والتنميط غير الدقيق والتام للمهاجرين غير الشرعيين، وعملية الاغتيال الصادمة للمرأة في سان فرانسيسكو على يد مواطن مكسيكي اقترف سبع جنايات في الولايات المتحدة وأخرج من البلاد خمس مرات، إلا أن مسألة الهجرة غير الشرعية فوق كل شيء هي مسألة إنفاذ للقانون.

وأخيراً، لا يمكن لدولة ما مواصلة الازدهار في حال رفضت الحكومة فرض قوانينها، وقررت مدن اللجوء الليبرالية مثل سان فرانسيسكو تجاهل قوانين الهجرة. ولنتخيل كيف سيكون الاحتجاج لو أن بلدة في ولاية يوتاه أو مونتانا أعلنت بشكل تعسفي أن القوانين الفيدرالية باطلة وملغاة داخل حدود البلدية.

وعندما يخرق مهاجر غير شرعي القانون بنجاح عبر دخول الولايات المتحدة والإقامة فيها بشكل غير قانوني فليس لديه حافز كبير كي يلتزم بالقوانين الأخرى، وزيادة نسبة المهاجرين المتجنسين ليس أمراً يتم تداوله في جلسات الاستماع التي يتعرضوا لها، وهذه النسب أعلى بالنسبة إلى الرعايا الأجانب الذين اتهموا بارتكاب جرائم.

ويتساءل الجمهور لماذا يعفى البعض بشكل انتقائي من اتباع القانون، ولا يعفى آخرون. وفي حال لم يطبق قانون الهجرة الفيدرالية على الدول الأجنبية فلماذا يجب على قوانين البناء وتقسيم المناطق أن تنطبق على المواطنين في الولايات المتحدة؟

 

* كاتب وأستاذ جامعي أميركي

Email