الإمارات لا تعرف الكراهية

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ نشأتها جعلت دولة الإمارات المساواة بين الناس ركناً أساسياً في بناء الدولة الحديثة ومقوماً ثابتاً من مقومات المجتمع الناجح المتطور؛ لأنها جعلت الإنسان محور النهضة، وضعته قبل العمران والمدنية، وأكدت من خلال معاملاتها وفتح أبوابها للجميع أنها تحتضن كل الراغبين بالحياة على أسس إنسانية.

مبادئ لا يكفي فيها الكلام والتنظير، بل حرصت الدولة من خلال قياداتها الرشيدة جيلاً بعد جيل على ترسيخها والدفاع عنها؛ لأنها توقن أن مظلة المساواة بين الناس وعدم التمييز بينهم كفيلة بأن تذيب كل الانتماءات تحتها، ولا تفتح المجال لأي انتماء أن يتفاضل على آخر، ما دام الجميع يسعون لهدف واحد.

فمنذ أيام المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كانت هذه المبادئ المحرك الأساسي ليوميات العمل الاجتماعي والنظرة الإنسانية عنده رحمه الله، فكان يؤكد أن «الإنسان هو أساس أية عملية حضارية، وأن اهتمامنا بالإنسان ضروري لأنه محور كل تقدم حقيقي مستمر مهما أقمنا من مبانٍ ومنشآت ومدارس ومستشفيات، ومهما مددنا من جسور وأقمنا من زينات، فإن ذلك كله يظل كياناً مادياً لا روح فيه، وغير قادر على الاستمرار، إن روح كل ذلك الإنسان.. الإنسان القادر بفكره، القادر بفنه وإمكاناته على صيانة كل هذه المنشآت والتقدم بها والنمو معها». نعم إنه الإنسان، وكررها رحمه الله تعالى مراراً ليؤكد أهميتها، فهو إنسان مكرم بغض النظر عن الفكر الذي يحمله ما دام لا يتعارض مع مبادئ السلم الاجتماعي ولا يهدد استقرار الوطن، ولا يصنف الناس بناءً على مبادئ فكره الذي يحمله حتى يجعل منهم ملائكة وشياطين.

الإنسان، المكرم بإنسانيته، حين يحمل بين جوانحه مبادئ الخير للأرض والإصلاح للمجتمع هو الجدير بالعيش الكريم، ولا يملك أحد أن يسلبه هذا الحق، ولا أن يلبسه عباءات الإقصاء والتصنيف بأي مزاعم كانت لا طائفية ولا ملية ولا دينية.

لقد كان، رحمه الله تعالى، يخاطب أبناءه بالبعد الشديد عن الكبر والتمييز بين الناس لأنه علم أنها آفة المجتمعات، وبقلب الأب الحاني كان يوصي بقوله: «أكبر نصيحة لأبنائي البعد عن التكبر، وإيماني بأن الكبير والعظيم لا يصغره ولا يضعفه أن يتواضع ويحترم الناس أكثر مما يحترمونه».

هذه المبادئ التي تربى عليها الرعيل الأول وعاشها منهج حياة خلال القرون الأربعة التي خلت من عمر الاتحاد، حتى غدت فلسفة حياة في طبيعة أبناء الإمارات وكل من وفد عليها محباً للعطاء فيها والعمل والإصلاح، صاغها اليوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، قانوناً يلتزم به الجميع، ويعرف منهجنا من خلاله الجميع، وجاء فيه بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة جميع أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية.. ليؤكد من جديد أن دولة الإمارات هي دولة التعايش والمساواة والعدل، وهي منبع السلم الاجتماعي، الذي يتسع لمئات القوميات والأفكار والملل والنحل.

هذا القانون المختصر لمنهج الحياة في الإمارات والمعبر عن فلسفتها في الحياة سيقطع الطريق بلا شك أمام جميع المتشنجين المولعين بالتصنيفات وزرع الفتن والكراهية بين المجتمعات، تحت أي دعاوى وضمن أي منهج فكري، فكل فكر يقوم على الكراهية هو فكر غير سوي، حتى ولو كان دعاته يزعمون أنهم يلبسون رداء الدين، لأن الأصل في أي دين، لا سيما الأديان السماوية، أن تعلم الناس كيف يحبون الآخرين، لا أن تزرع في قلوبهم كيف يدمرون مجتمعاتهم.

الإمارات بلد بلا تمييز أو كراهية لأننا نؤمن بقيمة الإنسان، ونحترم رغبته في الحياة والعيش الكريم.

Email