التناقضات في شهر رمضان

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهر رمضان هذا الشهر الكريم المبارك من أيام الله عز وجل الذي يحتفل به جميع المسلمين في أنحاء العالم فُتزين له الشوارع وتُضاء له المساجد وتُمد الموائد بين إفطاره وسحوره.

هذا هو ما اعتدنا عليه ولا نود الإطالة على القارئ الكريم والإفاضة عن مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل فهي في اعتبارنا المتواضع – معلومة للكافة – ولكن نلفت الانتباه إلى سؤال مهم للغاية، ما هو جوهر رمضان؟

القيام والإعداد للسحور والأضواء الباهرة فقط! أعتقد أن جوهر هذا الشهر هو أعمق من كل ذلك فهو جوهر مستمد من حكمة المولى عز وجل في فرض فريضة الصيام لشهر متواصل.

إن شهر رمضان هو لتنقية الروح قبل الإغداق على الجسد بمختلف الأطعمة مثلاً. إن الحل إذاً هو التعبد إلى الله حتى نبلغ الغاية من رمضان وهي التقرب إلى الله وتنقية الأرواح كما ذكرت.

ولكن الأمر يتعدى مجرد العبادة، دعونا نعدد التعبد في رمضان ما بين تلاوة القرآن والصيام والعبادات خلال أيام رمضان وللأسف بانقضاء رمضان يزول هذا الاهتمام ويتلاشى.

وكأن رب رمضان لن ترفع إليه الأعمال إلا في رمضان، يتجاوز الأمر كل هذا فرمضان هو رسالة للإصلاح والتصالح مع الناس ويسبق كل ذلك التصالح مع النفس .. التدبر .. الشعور بالآخرين ومعاناتهم. الشعور حتى بالحيوان الجائع الظمآن.

نعم هو رمضان الإنسانية الصافية، ناقضنا أنفسنا وناقضنا رمضان حتى أفرغناه من مضمونه وروحه وأبى علينا الشعور بجوهره وحقيقته فنصوم النهار ونعد الإفطار - غالباً – بكميات مهولة من الطعام والشراب يتم التخلص من معظمها لاحقاً لعدم استطاعة إنهاء هذا الكم المهول في يوم واحد!

ونسينا أن رمضان هو دعوة للإحساس بالآخر ومراعاة حقوقه وحفظ الموارد والاستهلاك بقدر الحاجة والحاجة فقط فناقضنا تعبدنا من صيام وقرآن وقيام بعادات الإسراف وغلبة النزعة المادية على النزعة المعنوية والروحية.

ثم يأتي وقت العائلة وهو بجدارة وقت الإعلام فنلاحظ جميعاً كم الدعاية في الطرقات العامة ووسائل الإعلام المختلفة عن أقوى المسلسلات والبرامج التي ستعرض خلال رمضان – ولا نقول إن في الأمر ضررا – ولكن هل وُظف الإعلام خلال رمضان من أجل التوعية به.

نعم التوعية ففي اعتقادي أن دور الإعلام هو نشر الوعي بالقضايا العامة.

نجد مسلسلات رمضان وبرامجه لا تتميز عن مسلسلات وبرامج غير رمضان فلا نجد أفكاراً للتوعية وإن وجدنا فهي ذات الأفكار المتداولة منذ عشرات السنين.

حتى إننا بتنا نتوقع المعروض في وسائل الإعلام قبل عرضه بل هناك إباحية في بعض المسلسلات لا تليق بهذا الشهر الكريم.

ولا أتحدث هنا مطلقاً في الناحية الدينية ولكن من ناحية العقل والمنطق أن يتواكب الأمر مع الأمر ولا يخالفه حتى يحدث التوازن المنشود ويزول التناقض المُنتقد.

فرمضان هو شهر التوازن والاتزان في علاقة الشخص بربه ونفسه وسواه من الأشخاص وأتمنى أن يأتي اليوم الذي نصل فيه إلى التوازن وأن نستوعب جميعاً أن رمضان بجوهره يأبى التناقض ما بين صوم وإسراف أو بين العبادة وانعدام الوعي وأن ما يؤتى في رمضان من خير يجب أن يظل باقياً في جميع أيام الله وليس في رمضان فقط.

Email