الإمارات واحة فريدة للمستثمرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلّة من الأماكن في العالم تتمتّع بمناخ استثماري يضاهي ما تنعم به الإمارات العربية المتحدة المعروفة دولياً بأدائها المذهل في شتّى المجالات. تُستخدَم كلمة «تفوّق» عشوائياً، حيث تبالغ الوكالات الإعلانية في تكرارها للترويج لمنتجاتها.

لكنها تعبّر تماماً عن المسار التصاعدي المدهش الذي تسلكه الإمارات، لا، بل تقصّر عن إيفائه حقّه نظراً إلى المستوى العالي من المهنية الذي ارتكز عليه تطوّر بلدي الإمارات وتحوّلها من رمال صحراوية إلى دولة رائدة عالمياً في أقل من نصف قرن.

أنا فخور جداً بوطني الذي يحتل الصدارة أو مراتب متقدّمة في قوائم البلدان في مجالات التنافسية الاقتصادية العالمية، والنمو الاقتصادي، وتمكين النساء، والتنمية البشرية، والتعليم، والبنى التحتية، والصحة، والأمن والحكم الرشيد. لا عجب في أن 25 في المئة من الشركات الخمسمئة الأكبر في العالم اختارت الإمارات مقراً لمكاتبها الإقليمية في المنطقة!

والميزة الإضافية التي يمكن أن تشكّل حافزاً فعلياً للشركات التي تفكّر في الاستثمار، ولمديريها وموظفيها، هي أن الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة العشرين عالمياً (قبل المملكة المتحدة وسنغافورة واليابان وسواها من دول مجلس التعاون الخليجي) في تقرير السعادة العالمي لعام 2015 الذي وُضِع برعاية الأمم المتحدة.

يُقدّم ذلك إثباتاً على ما نردّده نحن الإماراتيين باستمرار. يستطيع الأشخاص من مختلف الجنسيات والإثنيات والمعتقدات الدينية أن يعيشوا معاً بانسجام تام كزملاء وجيران وأصدقاء. تضم الإمارات العربية المتحدة جاليات وافدة من أكثر من 200 بلد، وهؤلاء لم يسهموا فقط بوضع خبرتهم في تصرف الاقتصاد الإماراتي، بل أيضاً في تطوير هذه البلاد اجتماعياً وثقافياً.

لقد صنّفت المنظمة العالمية للسلم والرعاية والإغاثة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً العام الماضي، على مستوى التعايش السلمي بين الجنسيات المختلفة.

فضلاً عن ذلك، صنّف برنامج العدالة العالمي دولة الإمارات العام الفائت في المرتبة الأولى في المنطقة على صعيدَي الأمن والنظام العام، وفي المرتبة السابعة والعشرين عالمياً. بعبارة أخرى، بلادنا آمنة، حيث يستطيع الناس التنقّل في أي وقت من اليوم من دون الخوف من التعرّض للسرقة أو الاعتداء، وهذا ما لا نجده سوى في حفنة قليلة جداً من البلدان.

على الرغم من الهبوط في أسعار النفط بسبب الفائض في الإنتاج، «كان عام 2014 الأقوى اقتصادياً بالنسبة إلى الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها، مع تحقيق نمو بنسبة 4.6 في المئة في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، وبلوغ إجمالي الناتج المحلي الاسمي 1.47 تريليون درهم»، كما جاء على لسان صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي.

بالفعل، لقد عمدت الإمارات إلى تنويع اقتصادها بحيث باتت تتمتّع الآن بالاقتصاد الأكثر تنويعاً في الشرق الأوسط، وتحتل المرتبة السادسة والعشرين عالمياً، بحسب مؤشر مركز التنافسية العالمي IMD، قبل النرويج وهونغ كونغ وأستراليا ونيوزيلندا وروسيا. يوافق صندوق النقد الدولي على هذا التقويم مع صدور إعلان عنه يؤكّد فيه أن الانضباط في الموازنة والتنوّع الاقتصادي يتيحان للإمارات تخطّي تداعيات التراجع في الإيرادات النفطية.

تتقدّم الإمارات على منافسيها في كل القطاعات تقريباً. فقد سجّلت السياحة نمواً بنسبة 20 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، الأمر الذي عاد بالفائدة على الفنادق مع ازدياد نسبة الإشغال. من يزور الإمارات لأول مرة يقع تحت سحر ما تُقدّمه من تجارب غنية في الترفيه والرياضة والتسوّق والمطاعم، ويعود إليها مراراً وتكراراً.

في الربع الأول من العام الجاري، ارتفع الإنفاق السياحي بنسبة خمسة في المئة. وفي الفترة نفسها أيضاً، ازدادت حركة المسافرين عبر مطار دبي الدولي بنسبة 6.5 في المئة، في حين أنه يُتوقَّع أن يستقبل مطار دبي الدولي ومطار آل مكتوم الدولي مئة مليون راكب عام 2020، عند استضافة دبي لمعرض «إكسبو 2020».

وكذلك سجّل مطار أبوظبي الدولي نمواً في حركة الركاب بنسبة تفوق الـ15 في المئة خلال عام واحد. تقع شركتا الطيران الإماراتيتان، طيران الإمارات والاتحاد، ضحية نجاحهما.

فشركات الطيران الأميركية الأقل تنافسية، «دلتا» و«يونايتد» و«أمريكان إيرلاينز»، تشعر بوطأة المنافسة وتتهم طيران الإمارات، وشركة الاتحاد للطيران، والقطرية، زوراً بالحصول على دعم حكومي، الأمر الذي تنفيه هذه الشركات نفياً قاطعاً.

ويرتدي سوق العقارات جاذبية خاصة بالنسبة إلى المستثمرين في بلد لا يفرض ضرائب على أرباح رأس المال، وحيث كل العقارات مسجّلة. هناك طلب شديد على العقارات الفخمة، وبحسب تقرير «العقارات السكنية الفخمة لعام 2015» الصادر عن دار «كريستيز» للمزادات العلنية، تصدّرت دبي قائمة المدن العالمية في مجال شراء المنازل الثانية الفخمة، مع الإشارة إلى أن ثلاثة أرباع الشارين هم من الرعايا الأجانب.

يقول عملاق العقارات البريطاني نايت فرانك إن الشارين الدوليين ينجذبون أكثر فأكثر إلى دبي التي تشكّل ملاذاً آمناً.

ويسجّل القطاع المالي أداء إيجابياً أيضاً، مع بلوغ نسبة النمو 15 في المئة. وقد ذكرت صحيفة «جلف نيوز» أن قطاع المصارف والخدمات المالية يشهد «طفرة في التوظيف». يقول حاكم مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، مبارك المنصوري، إن المصارف تتمتع بفائض في السيولة، ويُتوقَّع أن يحافظ النمو الائتماني على زخمه. يشار إلى أن مجموع الأصول في القطاع المصرفي بلغ 631.47 مليار دولار عام 2014. أما في ما يتعلق بقطاع التجزئة، فقد تفوّقت دبي على نيويورك وسنغافورة عبر اختيارها ثاني أهم وجهة دولية للتسوق بعد لندن بحسب الشركة الاستشارية CBRE.

تشير التقديرات إلى أن القطاع سجّل نمواً بنسبة 33 في المئة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ولا يزال استثماراً مربحاً. لقد أصبح تأسيس عمل في الإمارات سهلاً ومتحرراً من الإجراءات البيروقراطية أكثر من أي وقت مضى. لا يستغرق التسجيل أكثر من ثمانية أيام، شرط تقديم الأوراق المطلوبة. تستطيع الشركات الأجنبية أن تختار تشغيل عملياتها انطلاقاً من المناطق الحرة في الإمارات، وعددها 27، ما يتيح لها التملّك بنسبة مئة في المئة والإعفاء من الضرائب.

تضم دبي نحو 20 منطقة حرة صديقة للأعمال، وللعديد منها منفذ إلى الموانئ. أحدث هذه المناطق هي حي دبي للتصميم الذي يستقطب المصممين والماركات العالمية - وقريباً سوف يُفتَتح موقع Matajircom، أول موقع للتجارة الإلكترونية في العالم. تؤدّي دبي دوراً ريادياً في الجمع بين التخصّصات والأعمال والشركات المتشابهة في «قرى»، مثل القرية الذكية، وقرية المعرفة، وقرية التراث، ومدينة دبي للإعلام، ومدينة دبي الطبية، ومدينة دبي للإنترنت.

الإمارات هي بلاد الفرص وتشجيع ريادة الأعمال والأفكار الجديدة، مع كل ما تحمله من ابتكار وخروج عن المألوف، مثل متحف لوفر في أبوظبي، وهو عبارة عن بنية مقببة ومتطورة جداً تبلغ زنتها 7000 طن، وسوف تضم معارض ومتاحف للفنون. ومن المعالم العصرية أيضاً برج مارينا 101 في دبي الذي يتألف من 33 طابقاً ويضم فندق «هارد روك» وشققاً سكنية. والمعلمان مدرَجان في قائمة «سي إن إن» للمواقع الأكثر إثارة للاهتمام في العالم.

من المزايا العديدة التي تتمتع بها الإمارات والتي تؤثّر فيّ كثيراً، العناية التي يوليها قادتنا للأقل حظوة. العام الفائت، اختارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الإمارات العربية المتحدة عاصمة المساهمات الخيرية في العالم، مع تخصيصها 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للقضايا الإنسانية.

لا وجود للمتسوّلين في شوارعنا، وليس هناك أحد من دون مأوى أو طعام، وذلك خلافاً للولايات المتحدة التي شهدت زيادة كبيرة في عدد مطابخ الإعانات الغذائية أو أوروبا، حيث تعاني بلدان كثيرة من ارتفاع نسبة البطالة وتأثيرات الخفوضات التقشّفية، ما يتسبّب بإشعال اضطرابات أهلية وتأجيج كره الأجانب.

لا يكاد يُخيَّل إلي أن الإمارات العربية المتحدة بلغت الذروة ولم يعد بإمكانها أن تحقق ما هو أفضل بعد، حتى تفاجئني أكثر فأكثر. والسبب هو أننا نصبو دائماً إلى الأعلى. يكشف استطلاع جديد أجرته شركة «فرانكلين تمبلتون» في إطار «الاستطلاع العالمي لآراء المستثمرين»، وشمل 11500 مستثمر من 23 بلداً، أن المستثمرين في الإمارات يحتلون المرتبة الثانية عالمياً على مستوى الشعور بالثقة، إذ قال 94 في المئة من المجيبين إنهم مطمئنون إلى أن أهدافهم ستتحقّق هذا العام.

إنها الرسالة الأقوى إلى الأشخاص الذين يفكّرون في القيام بهذه الخطوة المهمة والاستثمار في الإمارات، ولا يسعني أن أضيف أكثر إلى هذا الكلام.

Email