أم الإمارات.. الوسطية في التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الإمارات حاضنة الإسلام الوسطي وراعية كتاب الله عز وجل وسنن نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم»، بهذه العبارة العظيمة بادرت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، خبر تكريمها واختيارها شخصية العام الإسلامية للدورة التاسعة عشرة لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، تقديراً لدور سموها الرائد في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية والأهداف الإنسانية النبيلة.

لتعبر عن فلسفة عميقة تنطلق سموها من خلالها في التعامل مع ملفات الخير المفتوحة أمامها باستمرار وأبواب العطاء المدفوعة إليها على الدوام، لأن سموها تؤمن بأن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحملان من الدوافع والمحركات للخير ما جعل يدها البيضاء لا تعرف الحدود أبداً.

اختيار بلا شك صادف من تستحقه كنموذج إنساني نسوي واضح التأثير على الساحتين العربية والعالمية، فضلاً عن الميدان المحلي العريق الذي تركت ولا تزال فيه بصمات رائدة، وهي أم الإمارات وأم العرب بل أم الإنسانية، لأنها تسلك نهجاً لا يؤمن بالتصنيفات ولا يعترف إلا بالإنسانية قاسماً مشتركاً، ولا يهتم إلا لمعاناة البشر أينما كانوا، بغض النظر عن خلفياتهم وإثنياتهم ودياناتهم، لأنها إنما تنطلق من شريعة سمحة تقرر حق جميع الناس بالعيش الكريم، وتستند إلى إرث إماراتي أصيل غرس شجرته زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله.

ورعت نمو هذه الشجرة قيادة رشيدة أمينة على الخير يتولى زمام أمورها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما حكام الإمارات.

نعرف أم الإمارات ويعرفها العالم رائدة التمكين النسائي في دولة الإمارات، وحارسة مكانة المرأة العربية وفي العالم، ومبادراتها في هذا الصدد كثيرة معروفة، إلا أن التوفيق الذي حالف جائزة القرآن الكريم في دبي، باختيار سموها شخصية العام الإسلامية إنما يعطي البصمة المبدئية الراسخة في فكر سموها، ويعبّر بجلاء عن المنهج الوسطي الذي نؤمن به نحن في دولة الإمارات، فلا إفراط ولا تفريط، ولا تساهل ولا تشدد.

هذا المنطق الحصيف هو الذي صاحب مسيرة التمكين النسائي التي تولت زمامها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، لأنها إنما بدأت عملها في بيئة صعبة تنظر بتشدد إلى المرأة، ورويداً ورويداً غيرت هذه النظرة اعتماداً على رحابة الإسلام في تعامله مع المرأة، واستناداً إلى جهود غربلة الأفكار الخاطئة عن هذا الدين الحنيف، وهي تعلم علم اليقن أن مسيرتها ستحظى بالنجاح والمباركة والتشجيع من أبناء الوطن، لأنهم يتمتعون بنفوس تحمل نور الإيمان الفطري النقي، ولا تعرف للتشدد مدخلاً.

ولذلك وجدت كل العون من المجتمع الذي تفتح على هذه المبادئ الرشيدة، ووضع المرأة في المكانة الإنسانية التي تليق بها، وها هي اليوم تقدم للعالم نماذج ناجحة مبدعة في شتى المجالات متسلحة بالمعرفة والعلم، وقبل ذلك وبعده بالفهم الصحيح للدين الحنيف الوسطي.

تستحق أم الإمارات ما نالته، وتكريمها بهذه الجائزة هو تتويج لكل امرأة على أرض هذا الوطن، بل كل امرأة نهلت من فكر سموها ورحابة قلبها الإنساني الكبير، وهو تكريم لمسيرة كفاح إنساني ناعم امتد على عقود أربعة لم تكلّ يوماً عن حمل مشعل التنوير فيه، مؤمنة دوماً بأن المستقبل للأصلح والأنفع للإنسانية، ولا بقاء إلى للمعتدلين فكراً وأخلاقاً ومبدأً.

 

Email