الإمارات.. مبادئ تحمي الحقوق

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما لا تدرك الكثير من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وما أكثرها هذه الأيام على قلّة جدواها، أن الإمارات تنطلق لدى تعاطيها مع مسألة حقوق الإنسان من منطلقات أخلاقية قبل أن تقيد المؤسسات العاملة فيها بضوابط قانونية صارمة، وتسعى بشكل حثيث إلى أن يأخذ الأجير حقه كاملاً غير منقوص اعتماداً على ثوابت أخلاقية نؤمن بها ونعيش منهجها كنظام حياة، ما دام العامل أو الأجير لم يخل بشروط العمل المطلوب منه أثناء تعاقده مع رب العمل أو الشركة التي يعمل بها.

هذه المنطلقات الراسخة الثابتة كانت على الدوام أيضاً هي المرشد والدليل لسن التشريعات والقوانين لحماية أجور العمالة، ومفتاح المبادرات الحقوقية الخلاقة التي أصبحت مثالاً يحتذى عالمياً دعت إليه منظمة العمل الدولية، وأوصت بالاقتداء بكثير من المبادرات الإماراتية، لأنها وجدت صدق النية في تحقيق كرامة العمال، وعدم العبث بحقوقهم، لأنهم شركاء في نهضتنا، أمناء على منجزاتنا، وأعضاء فاعلون في مشاريع التنمية والتطوير التي تسير عليها دولتنا.

«لدينا منظومة متكاملة تستند إلى عدة مرتكزات من شأنها ضمان حصول العامل على أجره في الموعد المحدد من دون أي اقتطاعات تتعارض مع القانون»، هذا ما أكده أخيراً، حميد بن ديماس السويدي وكيل وزارة العمل المساعد لشؤون العمل، أمام مؤتمر العمل الدولي في مدينة جنيف في سويسرا، مبرهناً على التوجه الصادق من قبل الدولة للوفاء بحقوق العمالة، وعدم الإخلال بها، انطلاقاً من مسلّمة واضحة تقضي بأن أجر العامل في الإمارات يعتبر خطاً أحمر لا يجوز التعدي عليه بأي حال من الأحوال أو حتى الاقتراب منه، الأمر الذي يأتي انعكاساً للقيم والمبادئ السائدة في مجتمع الإمارات والتي تجسدت في التشريعات والممارسات التي وجهت بها القيادة الرشيدة، مدللاً على ذلك بجملة من المبادرات والقوانين لعل أبرزها منظومة حمائية متكاملة لأجور العمال تجلت في نظام حماية الأجور الإلكتروني الذي أوصت منظمة العمل الدولية بتعميمه على الدول الأعضاء لديها، وإلزام المنشآت المسجلة لدى وزارة العمل بتقديم ضمانات بنكية عن أي عامل جديد وتوفير عدة قنوات أمام العامل للتقدم بالشكاوى، وتمكين العامل من تقديم شكواه عبر خدمة «راتبي» المتوافرة في الموقع الإلكتروني للوزارة وفي تطبيقات الهواتف الذكية، وملاحقة المنشآت التي تتخلف عن سداد الأجر المستحق للعامل بالغرامات، فضلاً عن توفير المساكن العمالية المصممة وفق أرقى المعايير الدولية.

هذه الخطوات وغيرها الكثير بلا شك تلجم أفواه الناعقين من هنا وهناك حول إهدار حقوق العمالة في دولة الإمارات، وهم معروفون ويتوجهون من أجندات مبرمجة ليس لها علاقة مباشرة بحقوق العمال بقدر ما لها علاقة بتشويه صورة الدولة والتقليل من جهودها الإنسانية، بل إن الواقع يبرهن على جدوى السياسة العمالية الحصيفة التي تتبعها الإمارات، فلو كانت حقوق العمال مهدرة كما يزعمون لما أمكن تبرير التزايد المستمر في أعداد العمالة الوافدة إلى الدولة الباحثة عن العمل والعيش والكريم، بل وتسهيل استقدام عائلات العمال، وتأمين البيئة المشجعة على الإبداع والرضى.

وكما يقال فإن إيضاح الواضحات يعد من أشكل المشكلات، غير أن ما نؤمن به في الإمارات أن الأخلاق والمبادئ هي التي تدافع عن نفسها، ولها من القوة والبرهنة ما تتقاصر دونه عبارات التمجيد أو تنال منه تهويمات المشككين، ومع ذلك نؤكد كما تؤكد قيادتنا الرشيدة على الدوام وجوب التزام الجميع بالمبادئ الإنسانية في شأن حقوق العمال أو غيرهم، ليس خوفاً من سطوة القانون بل إعلاءً لشأن الأخلاق ودرءاً لأن تقتنص بعض الأقلام المأجورة التصرفات الفردية وتجعل منها حالة سائدة تنال بها من توجهات الدولة بشكل عام، فالكل مسؤول أخلاقياً قبل القانون وبعد القانون.

Email