القدس في عيون العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيت المقدس، زهرة المدائن، مدينة السلام، وهي قبلة قلوب الاشراف، إنها عاصمة فلسطين كما ورد في وثيقة اعلان الاستقلال التي تمت في الجزائر بتاريخ 15 نوفمبر سنة 1988فيما تعتبرها اسرائيل عاصمتها الموحدة، اما المجتمع الدولي والامم المتحدة فلا يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل ولا يعترف بضمهم لها بينما يعترف بأن القدس جزء من الاراضي الفلسطينية.

مدينة القدس مرآة عكست حضارات الشعوب التي مرت بها على مدى التاريخ، ولعل هذه المدينة التي تعد من اقدم وأقدس المدن على وجه الارض، كانت محط أنظار للبشرية منذ العصور الاولى.

فخلال تاريخها الطويل تعرضت القدس للتدمير والحصار والغزو، ويعتبر النزاع القائم حول وضع القدس مسألة محورية في الصراع العربي الاسرائيلي هذا الصراع الذي تتمحور قضيته وسببه الأساسي في إقامة دولة قومية لليهود على ارض فلسطين وهذا ما يعتبره الكثير من المفكرين والمناظرين العرب وحتى السياسيين الأزمة المركزية في المنطقة.

من المعروف ان الغاية من حصار القدس الشريف هو محاولة يائسة من الكيان الصهيوني لطمس معالمه الاسلامية لفائدة أسطورة ملفقة تزعم ان هويته يهودية ،حيث بدأ اليهود بالتسلل الى فلسطين والقدس واحتلوا جزءا منها سنة 1948 ،ثم وقعت القدس بأكملها تحت الاحتلال الاسرائيلي على اثر عدوان 1967.

فكانت الحرب على مدينة القدس بمثابة مقدمة حقيقة لما حدث لها عندما احتلت باقي أراضي هذه المدينة على يد الصهاينة، وأصبحت المدينة بالكامل تحت السيطرة اليهودية، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخها المعاصر، مرحلة كانت ولا زالت من أسوأ المراحل في تاريخ هذه المدينة المقدسة.

ومن اجل تحرير القدس الشريف انهمرت دماء الشهداء على أراضيه وارتوت بها شوارعه وتيتم الأطفال وترملت النساء.

ويمكن القول، إن مدينة القدس كانت من أكثر المدن تضرراً على الإطلاق، فقد قسمت المدينة وأصبحت خاضعة لسلطتين مختلفتين واحدة عربية والأخرى يهودية صهيونية، الأمر الذي أدى إلى دخول المدينة وسكانها في متاهة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية عوضاً عن المتاهة الجغرافية.

فالمدينة بعد أن كانت وحدة واحدة في كل شيء، أصبحت تمثل عنصر انقسام كبير للمجتمع الفلسطيني، لهذا أصبحت المدينة بعيدة كل البعد عن الثقافة الفلسطينية الإسلامية العربية، خاصة القسم الغربي منها الذي خضع للسيطرة الصهيونية، والتي عمدت ومنذ اليوم الأول لسيطرتها على هذا الجزء بالعمل على تهويده وإخراجه من النطاق العربي الإسلامي مستخدمة كل الأساليب السياسية منها والاقتصادية.

ان معاناة القدس والمقدسات في فلسطين تمس كل نواحي الحياة جراء ما قامت به السلطات الصهيونية لاحتلال المدينة وإحكام قبضتها عليها والاعتداء على المسجد الأقصى، بالحفريات التي تهدد بنيانه والقيام بتدنيسه، ومصادرة أجزاء منه، بالإضافة إلى مصادرة البيوت والأحياء الملاصقة للمسجد وسعي الاحتلال لتحويله إلى منطقة مفتوحة أمام اليهود والسياح، ليأخذ شكل المتحف والمزار السياحي، ولتنزع عنه هيبته ومكانته وطبيعته الإسلامية.

تعددت أشكال الاعتداءات على المسجد الاقصى وكان من ابرزها عملية احراق المسجد سنة 1969، وقد أتت النيران على اثاث المسجد وجدرانه، كما احرقت منبره العظيم.

ان الاستهداف الشامل لم يتوقف عند المسجد الاقصى بل شمل جل مناطق البلدة القديمة وتحديدا ما يعرف بالحوض المقدس والذي ساهم كبار أثرياء اليهود في تهويده بالكامل في سياق من الاكاذيب اليهودية التي تبحث عن أية اثار يهودية في المكان، وقد استهدف كل شبر فيه، ولولا تشبث الفلسطينيين بالأرض والمقدسات لكان المكان في مجمله يهودياً.

كما سعى الاحتلال الى المضي قدما في برنامج تهويد القدس ومصادرة أراضيها وإحاطتها بأطواق من الجدران والمستعمرات التي تعزلها عن محيطها العربي والإسلامي، وتهجير المقدسيين من خلال سحب حق الإقامة في القدس بالإضافة الى هدم المنازل ومنع رخص البناء، وذلك من اجل الحد من النمو السكاني والعمراني للمقدسيين.

رغم المعاناة الكثيرة التي عاشها الفلسطينيون، فانهم صامدون متمسكون بأرضهم وهذا الإصرار من دواعي الفخر والاعتزاز لكل فلسطيني وعربي ومسلم ولكل إنسان يدافع عن الحق والعدل والحريّة لكن هذا الصمود يجب ان يجد ما يسنده ويدعمه بالوقوف الى جانب القضية الفلسطينية.

فرغم وضوح المعتدي في هذه القضية ورغم كل ممارساته المخلة بالاتفاقيات الدولية والوضع الإنساني الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، ورغم وقوف معظم دول العالم الى جانب الفلسطينيين الا ان هذه القضية لم تحل بأي شكل من الأشكال، لذلك وجب تبني موقف واضح وتجنيد التضامن الدولي لتحرير الاراضي الفلسطينية المحتلة.

 

Email