القمة العربية.. قمة المبادرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن القمة العربية الأخيرة التي اختتمت فعالياتها في شرم الشيخ قمة عادية روتينية معروفة المداخل والمخارج ومتوقعة المعطيات والتوصيات كحال سابقاتها من القمم..

ولن يكون ما بعدها وما نجم عنها من قرارات رهين البيروقراطية والإجراءات التنفيذية «السلحفائية»، لأنها اليوم أسست لعهد عربي جديد جعل من هذه القمة قمة المبادرات وأخرج للعالم موقفاً عربياً جديداً يأخذ زمام المبادرة، ويقرر وينفذ ويضع أمن العرب القومي على قمة أولوياته، ويقدر الأمور بقدرها ويدرس عواقبها.

نعم، هي قمة المبادرات الواضحة المشروعة التي نهضت بها سواعد المخلصين من هذه الأمة لتدارك الخطر الإقليمي المحدق الذي بات يهدد أمن العرب جميعاً، ولم يعد من المبرر أو المشروع السكوت عن سرطان ينتشر .

ولا يراعي لشرعيات الدول احتراماً ولا يقدر لحقوق الشعوب قدراً، في ظل نظرة إلى الواقع العربي المأزوم توحي بأن العرب مشرذمون وغير قادرين على تبني القرارات وتدارك المفاجآت ووضع الأمور في نصابها، حتى لو اقتضى ذلك التدخل العسكري والحزم بعاصفة من القوة تعيد ترتيب الأوراق المبعثرة هذه المرة، على خلاف شأن العواصف وعادتها، لأنها عاصفة بمباركة الشعوب العربية، التي تعطشت لخير رياح التغيير القوية هذه.

حمل البيان الختامي للقمة العربية الأخيرة التأكيد على أن القادة العرب وافقوا على إنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي يلتئم أمرها خلال 4 أشهر من الآن، والدعم الكامل لعملية «عاصفة الحزم»، مع دعوة المجتمع الدولي لدعم الجهود العربية في مكافحة الإرهاب، والتشديد على ضرورة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

عهد عربي جديد فيه من الوضوح والقوة بقدر ما فيه من الحزم، لأن الأمور العربية والإقليمية على وجه الخصوص لم تعد تحتمل التصريحات المنددة وقد حاق بنا خطر الإرهاب والجماعات المتطرفة والمليشيات المسلحة المتعطشة للتخريب، وأصبحت التدخلات الخارجية بشؤون دولنا العربية سافرة وغير مبررة..

والقعود عن مناهضتها بالشكل الحازم غدا واجباً تاريخياً لا بد منه أمام الشعوب وموقفاً ستحاسبنا عليه الأجيال إن تقاعسنا عن الأخذ به. وعلى الرغم من أن دولة الإمارات يعرفها العالم أجمع بأنها حاملة لواء السلام والتعايش والمبادرات التنموية البعيدة عن العنف..

إلا أنها لم تتردد لحظة تحت لواء قيادتها الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن الدعوة الخليجية المباركة في إنقاذ اليمن الشقيق من التشرذم والوقوع في فخ التفتيت وكانت من أوائل المبادرين إلى المشاركة في عاصفة الحزم لأنها تعلم أن الكلمة في مكانها لا تعادلها قوة الدنيا، والقوة في موقعها لا تكافئها ملايين الكلمات.

عهد جديد بلا شك نتنسم عبيره نحن العرب من محيطنا إلى خليجنا، ونرجو أن يبقى بهذا الزخم الأشم، لأنه أعاد للعرب الثقة بأن دولنا قادرة على الحسم إن تطلبت الأمور حسماً ضمن قوانين الشرعية الدولية واحترام حقوق الآخرين، فالمواضيع الخطيرة المصيرية لم تعد تقبل أبداً المواقف الرمادية أو الانتظار بعد اليوم، وحين تسول للبعض أنفسهم أن يعبثوا بأمن واستقرار دولنا فلا بد أن يوجد من يقول لهم كفى.

 

Email