يوم الرجل العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من دون إنذار، أو استئذان اقتحم ذلك الصديق اللدود لحظة وحدتي ضاحكاً بصوت اهتزت له أركان المكان، قائلاً أين أنت من الكتابة حول يوم المراة العالمي، أم أنك أصبحت كغيرك ممن يرون فيها كل السلبيات؟!، ألم تدرك أن الثامن من مارس هو اليوم العالمي للمرأة أو يبدو أنك كبرت بالسن، ولم تعد تهتم بها، أليست هي الأم والأخت والزوجة والابنة والزميلة والصديقة.. الخ؟.

نظرت إليه ضاحكاً وسكت، لعله يخرج من دون عودة، إلا أنه ظل واقفاً في تحد واضح، فأردت أن أصدمه، فقلت له: أليست هي التي أخرجتنا من الجنة؟، وهي التي تتلاعب بالعديد من الرجال في كثير من الأحيان، ممن يعتقدون أنهم الأقوى والأقدر لكنهم أمام المرأة يصبحون ضعفاء.

وبنظرة تحد يتطاير منها الشرر، قلت له: لماذا لا نجعل يوما من أيام السنة «يوم الرجل»؟! بحيث يمكن أن نعطي فيه الرجل فرصة ليرتاح من الدوامة اليومية للحياة، يتناول القهوة وما يصاحبها من عادات يومية بهدوء، بمعنى أن يرتاح من العناء بالتفكير بشؤون الأسرة، والمجتمع، وينسى الواجبات الاقتصادية وحتى الاجتماعية، أليس هذا من حقه، ولو ليوم واحد في السنة؟..

إن ذلك لا يعني التهرب من المسؤوليات العديدة، إنه مجرد إعطاء إجازة للعقل والنفس والعواطف من هموم التفكير.

نعلم أنها هي المرأة التي وهبتنا الحياة، وهي التي قامت بالرعاية حتى أصبحنا نعتمد على أنفسنا وكل الفضل لها لما نتمتع به، سواء المكانة الاجتماعية او الاقتصادية او التعليمية، وهي التي تشعرنا بالأمن والأمان طالما بقيت بجوارنا، سواء كانت الأم أو الزوجة أو الابنة، وفي بعض الحالات هي الحبيبة التي لم تستطع أن تتواصل معها لعدة أسباب، أترك للقارئ التفكير بها!

من يفقد الأم مثل من يتخبط في بحر هائج من دون طوق نجاة، ومن المعلوم حسب آراء علماء النفس أن عقدة أوديب أو غيرها هي ملازمة للعديد من الأسوياء من البشر في الظاهر، حيث ان الإنسان يعيش بأكثر من شخصية في حياته اليومية، فهو يعيش مع أصدقائه المقربين بشخصية ومع زملاء العمل بشخصية أخرى، وحين يجلس في البيت مع عائلته الصغيرة يختلف تماماً عنه خارج البيت.

وتعود بي الذاكرة إلى أن ابنتي ديمة، حين قالت لي ان صديقاتها سألوها: هل والدك يبتسم أو يضحك؟، فقالت من دون تفكير وبسرعة: نعم إنه يضحك ويمرح وفي الوقت ذاته أحياناً يغضب، إلا أنه سرعان ما يبتسم مجدداً.

وربما يمر بعض الرجال بحالات من الكآبة والحزن حينما ترحل من هذه الدنيا شريكة العمر، التي شاركته الحلوة والمرة من هذه الحياة، إلا أن المرأة دائماً رضينا أم لم نرض هي أقوى من الرجل في تحمل المشكلات والتفكير بصورة عقلانية في كيفية حل هذه المشكلات.. ومن هنا تحرص دولة الإمارات على التأكيد على دور المرأة، سواء في الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها، والتي أكدت فيها نجاحها بالرغم من كل محاولات القوى المعادية لها، بالعودة إلى مرحلة لم يعد لها من وجود من كل النواحي.

Email