أجيال التميز

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا نملك إلا أن نشعر بالفخر حين نرى حكومتنا قد سبقت الحاضر، وتنافس المستقبل بأجيال من التميز، يرفد كل جيل ما قبله، ليصل بالدولة إلى ذرى العالمية، ليس في بنى تحتية متطورة ومشروعات استثمارية عملاقة، وهي بلا شك كثيرة ورائدة، وإنما في باب هو أهم وأولى في نظرها من جميع ذلك، ألا وهو خدمة وإسعاد المواطنين، وكل من يعيش على أرض هذا الوطن.

هذا باختصار جوهر الفلسفة، التي يلخص بها دوماً صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مسيرة حكومة ودولة الإمارات نحو العالمية، وقرر ذلك، وأكده في العديد من المناسبات، وليس آخرها حين أطلق أخيراً الجيل الرابع من منظومة التميز الحكومي، وهي الأولى من نوعها في العالم.

حيث تركز على النتائج، وتم تصميمها لتطوير الأداء الحكومي بقوله: «كل جهد تبذله الحكومة يكون هدفه راحة المواطن وسعادته، وتحقيق مصالح الناس أولوية حكومية قبل أي أمر آخر، ما يحتم على الحكومة أن تكون سباقة ومبتكرة تتنافس مع نفسها، لا تنتظر ولا تتأخر، بل مقدامة تستشرف آفاق المستقبل، وعمل الحكومة يجب أن يركز على تحقيق النتائج في الميدان، التي تنعكس بشكل إيجابي وفاعل على حياة الناس اليومية».

باختصار.. لا مكان لغير المبدعين في خدمة الناس، فالمنصب كما يراه سموه، مسؤولية حقيقية جماهيرية واجتماعية، وأمانة ليست متروكة للنوازع الأخلاقية، وهي على قدر كبير من الأهمية بلا شك، وإنما هي أمانة مراقبة وملاحقة بثمار الإبداع، والتطوير والابتكار، ونبذ التقليد والتفكير النمطي الخطي ذي الاتجاه الواحد، والبحث في كل أمر عن درجات أعلى من النجاح والتميز والارتقاء، بشكل دؤوب مستمر، لا يعرف حدوداً للإنتاج.

أفكار ليست نظرية، وإنما يصدقها الواقع اليومي المعاش، وليس غريباً أن يحدد سموه العام المقبل موعداً للاحتفال بالفرق المتميزة والجهات المبتكرة والقادة الحكوميين القادرين على استشراف المستقبل، وأن بوابة حكومات المستقبل لا تسمح بعبور الأفكار التقليدية وطرق العمل التي عفا عليها الزمن.

هذا النهج الاستباقي للحكومة في خدمة الناس يفرض على الناس نهجاً تفاعلاً مواكباً ومتناغماً، جوهره الحرص على تقديم الرأي والمشورة والنصيحة بأعلى درجات الدقة لتستطيع الحكومة النظر بأعين الجميع لما يهم الجميع، وهي خطوة تفاعلية مباركة إن أحسن المجمع التعامل معها، تنعش الحياة الاجتماعية بالتجارب، وطرق أبواب الحكومة بالخبرات، وتقديم النفس على مائدة العمل الحكومي والاجتماعي، عبر بوابة الابتكار، فالميدان هو للإبداع والمتروكون في الخلف هم أصحاب الحلول التقليدية لمشكلات الحاضر وإرهاصات المستقبل.

لكن لا بد من مواكبة ذلك بإعادة التفكير بجدية عالية بأجيال المستقبل المستهدفين بخطط الابتكار، والعمل على الارتقاء بمنهج التفكير لديهم وطريقة التعليم، والنظر إلى الحياة والعمل الاجتماعي والحكومي، فكما أنهم مستهدفون بالتغيير هم أيضاً ركائز مهمة وأدوات فعالة لاستمرار هذا المنهج الإبداعي، وبقدر ما تعنى مؤسساتنا التربوية ببناء جيل مبدع مبتكر، يؤمن بقدرته على تقديم النافع المبدع الجديد، بقدر نكون قد ضمنا استمرارية روح التميز جيلاً بعد جيل.

 وهذا الذي نأمله ونطمح إليه في أجيالنا لن يكون إلا ببناء الثقة المطلقة في إمكاناتهم، وترك المجال لخيالهم أن يقدم تجاربه، فالخيال مفتاح الإبداع، وإفساح المجال للدماء الشابة الكفؤة بأن تحجز مكانها الذي يليق بإمكاناتها في العمل المجتمعي، لتعلم علم اليقين أن المستقبل لها، وهي التي ستصنعه، ولن يكون هناك أي مكان لمن لا يشغله الهم العام، لأنه سيبقى في الظل والعتمة والأفكار الطفيلية المضطربة.

 

Email