بحث السيسي.. وديمقراطية أوباما

ت + ت - الحجم الطبيعي

وطني يحمل دهاء أنور السادات وكبرياء جمال عبد الناصر، لأنه رجل دولة يفكر في قراراته وليس مندفعاً أو أهوج، هذا ما قاله المحلل السياسي المصري القدير الدكتور مصطفى الفقي عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، بينما أكد الشيخ عبد اللطيف الدربان مفتى الديار اللبنانية، أن الزيارة التي جمعته بالرئيس عبد الفتاح السيسي، أظهرت له أنه القائد الصادق المؤمن الأمين على مصلحة البلاد بل والعالم العربي أجمع وذلك من خلال التوجيهات التي أعطاها لنا.

أثناء دراسته في كلية الحرب في الولايات المتحدة عام 2006، كتب عبد الفتاح السيسي بحثاً مكوناً من 17 صفحة بعنوان «الديمقراطية في الشرق الأوسط»، تناول خلاله تأثير الديمقراطية على بلدان الشرق الأوسط، وكذلك تقييم الظروف الاستراتيجية والسياسية في المنطقة، وسلّط الضوء على التحديات والمخاطر، والمزايا التي يقدمها النموذج الديمقراطي، إضافة إلى وجهات نظر مختلفة لدول الشرق الأوسط والدول الغربية نحو الثقافة وآثار الفقر، والتعليم، وغياب وجود الرؤية الاستراتيجية، ودور الدين، والطبيعة النفسية للشعوب، والحكومات، والمخاطر الكامنة في الديمقراطيات الجديدة.

واعتبر السيسى أن منطقة الشرق الأوسط إحدى أهم المناطق في العالم، ورصد العوامل المؤثرة على المنطقة بقوله: «الشرق الأوسط مهد الديانات الكبرى، وتأثير الطبيعة الدينية للمكان واضح في ثقافة شعوب الشرق الأوسط، فالدين هو أحد أهم العوامل التي تؤثر في سياسات المنطقة، وبسبب طبيعة ثقافة الشرق الأوسط، يجب على المرء أن يأخذ في الاعتبار الطبيعة الدينية للشعب عند إجراء المفاوضات الدبلوماسية ووضع سياسة عامة.

ومن الناحية الاقتصادية، أنعم الله على الشرق الأوسط باحتياطيات الغاز الطبيعي والنفط التي توفر الكثير من احتياجات العالم من الطاقة الهائلة، وبسبب ذلك فإن القوى العظمى في العالم حريصة على المنطقة، وتحاول التأثير والهيمنة عليها، ونتيجة لذلك، فإن الشرق الأوسط تحت ضغط مستمر لإرضاء أجندات متعددة لبلدان مختلفة، قد لا تتوافق مع احتياجات أو رغبات شعوب الشرق الأوسط. وعلاوة على ذلك، فإن الشرق الأوسط، من المنظور الجغرافي، هو منطقة استراتيجية بسبب قناة السويس ومضيق هرمز، وباب المندب، وهذه كلها ممرات تجارية مهمة وحيوية، إضافة إلى أهميتها العسكرية والطبيعة الاستراتيجية للمنطقة، إلى جانب أن الطابع الديني للثقافة يخلق تحديات تواجه إقامة ديمقراطية في جميع أنحاء المنطقة على المدى القريب».

وعن السياسات الأميركية في المنطقة قال السيسي: «لقد كانت أميركا قوة دافعة في الشرق الأوسط في ما يتعلق بدعم المصالح الوطنية للولايات المتحدة، وفي إطار جهودها للقيام بذلك، دعمت الأنظمة غير الديمقراطية وبعض الأنظمة «غير المحترمة» في الشرق الأوسط، ومن أمثلة ذلك نظام صدام حسين وبعض أنظمة شمال إفريقيا، لهذا يتساءل الكثيرون عن دوافع الولايات المتحدة ورغبتها في إقامة الديمقراطية في الشرق الأوسط الآن، وهل الانتقال الديمقراطي في مصلحة الولايات المتحدة، أم في مصلحة دول الشرق الأوسط؟ (المصدر: جريدة الوطن المصرية)

إذاً.. إن تطور الديمقراطية في الشرق الأوسط من وجهة نظر الباحث السيسي، لن تحدث بسهولة إذا ما اعتُبرت الديمقراطية خطوة من جانب الولايات المتحدة بهدف تحقيق مزيد من المصالح الاستراتيجية لها.

وقد كشف اللواء أركان حرب الدكتور طلعت موسى، الخبير الاستراتيجي والمستشار في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، خلال حوار مع جريدة «فيتو» المصرية، عن المخططات التي تتعرض لها المنطقة العربية وعلى رأسها مصر، وما تسعى أميركا والدول الأوروبية إلى إحداثه في مصر، والذي يتضمن إنشاء دويلة إسلامية في الدلتا ومسيحية في الصعيد ونوبية في الجنوب، ووضع قناة السويس وسيناء تحت سيطرة إسرائيل.

كما كشف عن أن ما يشهده الشارع المصري هذه الأيام من إرهاب ومحاولات لإثارة الفتن والرعب بين المواطنين مخطط له منذ سنوات، فيما يسمى: الشرق الأوسط الكبير والجديد بالخرائط،! وواصل حديثه: ولكن تكتل «مصر والسعودية والإمارات» أوقف هذا المخطط التآمري.

إذاً نستطيع القول إن ما كشفه اللواء الخبير الاستراتيجي في حواره مع «فيتو»، يتوافق تماماً مع ما كتبه وتنبأ به السيسي في بحثه! إن الباحث المصري العسكري عبد الفتاح السيسي الذي أعد بحثاً عن مخطط الغرب للشرق الأوسط تحت ما يسمى بالديمقراطية.

هو من واجه هذا المخطط مع شعبه ببسالة في ثورة شعبية عارمةُ أذهلت وأربكت أصحاب المخطط ومن تآمر معهم! لدرجة أن رواد مخطط «الشرق الأوسط الجديد» تحت مسمى الديمقراطية والذي تناوله السيسي في بحثه. دخلوا في صراع واختلافات فيما بينهم من هول الصدمة وأولهم الرئيس أوباما.

وأكبر دليل على ذلك.. عندما وصفت شبكة «سي إن إن» الأميركية، الرئيس عبد الفتاح السيسي، بأنه أصبح «رجل الشرق الأوسط القوى» والمفضل لدى أعضاء الحزب الجمهوري الأميركي الطامح للوصول إلى السلطة برئيس محسوب عليه. ونوهت «سي إن إن» إلى إن سبب هذا الإعجاب يرجع إلى خطاب الرئيس في يناير الماضي، بجامعة الأزهر، الذي طالب فيه بثورة دينية لتغيير الخطاب الديني.

وتابعت: «بدت كلمة (السيسي) وكأنها دعوة إلى تطهير الفكر الإسلامي من التطرف، الذي تستخدمه جماعات مثل داعش. والقاعدة لتبرير الجهاد».

ها هي الأقدار شاءت أن تأتي بصاحب البحث الذي تنبأ بكل ما حدث لمنطقة الشرق الأوسط تحت مسمى ثورات «الربيع العربي» ووضعته في موقع صانع القرار، وهو الآن يدق ناقوس الخطر، ويطالب أمته العربية أن تتوحد.

فهل يا ترى ستزف لنا الأيام القادمة أخبار تثلج صدور العرب وتفرح قلوبهم؟

Email