يد ورى ويد جدام

ت + ت - الحجم الطبيعي

في كل مرة يحيرنا هذا الموروث الثقافي الاجتماعي لدولتنا الحبيبة بمفرداته العجيبة العميقة والتي لا تخلو من البلاغة اللغوية والبلاغة الاجتماعية ، وجملتنا اليوم تثبت ان موروثنا الاجتماعي غني بالفكر والقواعد الفكرية الاجتماعية التي تُبنى بها الامم والحضارات ..

ولكن كما ترون في الواقع جملتنا لا توحي للقارئ سوى ما هو مكتوب فكلمة (يد) اي راحة اليد او الكف والمقصود بها هنا يد الانسان وكلمة (ورى) تعني خلف وكلمة (جدّام) تعني امام وهنا يتضح ان الجمله عادية للقارئ ..

ولكنها غير ذلك فنحن في دولة الامارات العربية المتحدة نقصد بها عندما نوجهها لشخصٍ ما انه خالي اليدين لا يملك شيئا من المال أو أي نوع من أنواع المال وجملتنا تستخدم في عدة مواضع ودعوني أضرب لكم عدة امثلة على مواقع استخدام جملة اليوم..

ولماذا تستخدم فالنفرض اننا بعثنا بشخص لانهاء موضوع لدى جهة معينة سوف نحصل منه على فائدة ويذهب ذلك الشخص ويعود دون ان يستطيع افادتنا ولو بشئٍ بسيط والقصد انه لم يستطع حتى أخذ وعد بأن المذكورين سيفكرون في الموضوع فيوجه له هذا الكلام كقول البعض فلان وصل (يد ورى ويد جدّام) وتستطيع قياس ذلك على كل الاشياء الشبيهة بما فيها امتحانات طلاب المدارس مثلا إذا أخفق الطالب في الامتحان بحيث لم يصل في الوقت المطلوب وانتهى الامتحان فيكون قد عاد بدون فائدة وفي اللغة العربية يشابه جملتنا قول عاد بخفي حنيْن ..

وأيضا جملتنا تقال للاستنكار في بعض الاحيان فكما تعلمون ان شعب دولة الامارات العربية المتحدة كريم وصاحب عادات وتقاليد ومن هذه التقاليد انه عندما يرجع الرجل الى بيته او يذهب لزيارة بيت احد اخوته او اقربائه لا يدخل عليهم إلا ويكون في يده هدية وغير مهم ما هي ...المهم هدية ولو كانت عبارة عن (شوبين) تين أو ليمون وكلمة (شوب) تطلق على الثمرة المفردة لبعض الثمار فإذا دخل الرجل البيت بدون ان يكون حاملا شيئا للبيت انتقدته صاحبة المنزل وتقول له (افا يا فلان داخل البيت ما في يدك شي ، يد ورى ويد جدام) أو إذا عرف قريبٌ له انه ذهب إلى بيت أحد اقربائهم ولم يحمل لهم شيئا انتقده ولوّمه وقال له (يحتاي ما تسير للعرب يد ورى ويد جدام لو خذتلهم حتى تمره ولا دخلت عليهم يديك تصفر) ..

وهنا يتضح ان جملتنا لا تعني ان الوصول خالي اليدين فقط بل هي ثبوت ان الشخص المعني ارتكب الخطأ وثبت عليه فهذه الممارسات تقرب بين الناس وتعطي فرصة كبيرة للتجار وأصحاب الخير مساعدة اخوانهم المحتاجين بدون ان يشعروهم بالتفضل عليهم او بأنهم اقل منهم فشكرا لهذا الارث الذي في كل ركنٍ من اركانه يثبت انه ذو عراقة تصل الى لب الأرض في مجتمع تأسس على كل القيم التي قامت عظمى دول العالم مؤخراً ببثها في شعوبها عن طريق مبادرات جبارة كمبادرة انشاء منظمة حقوق الانسان مثلا والتي اثبت التاريخ أن أجدادنا كانوا يحفظون حقوق الناس والدواب قبل نزول الرسالة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وللحديث صله ،،،،

ahdalmook@gmail.com

Email