الإمارات والسعودية.. وحدة القلوب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مصاب جلل بلا شك ذاك الذي أصابنا في المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، وهو مصاب كبير بحجم المكانة الأثيرة التي شغلها العاهل السعودي في قلوب أبناء الأمتين العربية والإسلامية، والمحبة المميزة التي كان يحوزها بين أبناء دول التعاون قادة وشعوباً، نظراً للوشائج القوية التي حرص الملك الراحل على بنائها وتوطيدها وصيانتها، ورأب الصدوع التي قد تتخلل بينها، ذلك الحرص الأبوي على وحدة الصف الخليجي والعربي والإسلامي.

نحن أبناء الإمارات، قادة وشعباً، ربطتنا ولا تزال بحمد الله تعالى علاقات استثنائية بالمملكة العربية السعودية، حتى غدت هذه العلاقات نموذجاً عربياً استثنائياً حمل ركيزتي التطور والتنمية المتبادلة شعاراً لتلك العلاقات، وظللها التفاهم الأخوي الراسخ بين القيادتين، والصلات الوثيقة المتينة بين الشعبين الشقيقين، وبرهنت عليها عربياً وعالمياً وحدة المواقف والرؤى إزاء مجمل القضايا العربية والإقليمية.

عزاؤنا الكبير في خير خلف لخير سلف، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ليكمل المسيرة الوثيقة ويرتقي بالعلاقات الأصيلة، يداً بيد مع أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإخوانهما حكام الإمارات، لتبقى كما كانت مشعلاً ونموذجاً حاضناً للتعاون العربي والإسلامي، ومرجعاً كبيراً لترتيب أوضاع البيت الخليجي وزيادة قوته وتماسكه.

أكثر من أن تحصى تلك العوامل الكفيلة بإعلاء بنيان العلاقات الإماراتية السعودية ليس أقلها العمل الدؤوب المستمر على حراسة ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتشاور والتنسيق المستمر لوضع هذا الميثاق مبدأ وهدفاً لا يمكن التخلي عنه، كفيل بإحداث التوازن الإقليمي لدول الخليج العربي، وضمان أعلى درجات الأمن والاستقرار لشعوب ودول التعاون، وصيانة مفرزات النهضة والتنمية والحضارة التي أنجزتها دول الخليج، تدفع إلى ذلك المصالح المشتركة على الصعد السياسية والاقتصادية والتنموية، ودعم المبادرات التي تخدم إحلال المزيد من الأمن في دول مجلس التعاون وليس آخرها بلا شك ملف الإرهاب الذي حظي بالتنسيق عالي المستوى لمكافحته والقضاء عليه، نظراً لما يحمله من أخطار إن تركت ستنال من أمن جميع دول المجلس بلا استثناء، بل والعالم العربي والإسلامي، والعمل في هذا الصعيد على ترسيخ الفكر الإسلامي المعتدل وتقديم الصورة الحقيقية للإسلام المتمثلة في التسامح والسلام.

لقد كان الانسجام بين الدولتين في العديد من الملفات هو الحادي لمسيرة النهوض بمستوى شعبي دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، ولعل أبرز ما عبر عنه هذا الانسجام هو إنشاء اللجنة العليا المشتركة التي تكفلت بتنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة، وذلك في إطار كيان قوي متماسك يعود بالخير على الشعبين الشقيقين، ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتمثل صورة ناصعة في التعاون الثنائي بين بلدان المنطقة، وهي كما وصفها المحللون بمثابة آلية فاعلة لتحقيق كل ما من شأنه تعزيز التعاون المثمر والشراكة التاريخية بين دولة الإمارات والسعودية وبما يعزز أمن واستقرار وازدهار المنطقة وشعوبها.

قواعد راسخة لا تنال منها تقلبات الأيام لأن منشأها إيمان راسخ بالوحدة العربية وتمسك واثق بمنطلقات النهج الإسلامي القائم على رص الصفوف والاعتصام بحبل الله تعالى جميعاً ونبذ التفرقة، ويغذيها تاريخ عتيد ومستقبل مشترك، وتنفخ الروح فيها باستمرار المحبة المتبادلة بين الشعبين الشقيقين.

 

 

Email