سيادة الخليج وأخطار الماضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعيش اليوم في منطقة يسودها الرخاء والتآلف، ولا يخفى على أحد أن النعيم لم يدق أطنابه في البلد الكريم هذا من فراغ، بل من تعب، جهد، اجتهاد، ونزاعات قبلية واستعمارات ونحوها الكثير. فمنطقتُنا هذه تدعى »الخليج العربي«، ولكن.. يبدو أن »خليجنا« مُتنازع عليه، ونجد أن الخطر يُحدق بنا منذ الأزل. سياسياً واقتصادياً ومن جميع النواحي، نجد يداً عابثة تسعى لزعزعة مكانته في العالم.

لنسترجع بعضاً من تلك المطامع الخارجية، في بداية الاستعمار والاستهلاك.. أول من حط رحاله على الأرض الخليجية هُم المُستعمرون البرتغاليون والبريطانيون، فقد كانوا يتناوبون على استهلاك الثروات التي امتاز بها الخليج العربي، وعزز قواه بها في المُحيط العالمي تجارياً وسياسياً، وكان أكبر طموح المُستعمرين أن يستولوا على تلك التجارات التي تمر بأرض الخليج، واستنزاف قدراته في صنع دول لا تلجأ للغرب.

بدأت البرتغال في الدخول التدريجي والتسيّد على المنطقة بقوتها العسكرية، ونالت ما نالت من هذا التسيّد الذي استنفد خيرات المنطقة ما يُقارب 70 عاماً، حتى ثارت قوى الخليج لتبدأ النزاعات السياسية التي غيّرت سطور التاريخ العربي الخليجي، وسمحت لبريطانيا بدخول المنطقة، إلا أن مشايخ الخليج العربي عارضوا الاستنزاف الجائر وانتهاك حقوقهم، فشنّوا حروباً على تلك القوى الغربية، واستمرت النزاعات بين قوى الخليج وبريطانيا من 1625 إلى قيام دول الخليج العربي وتأسيس اتحاد دولة الإمارات العربية المُتحدة.

ولكن ما لبث الخليجيون في الاستقلالية حتى بات الغدر يسري في دماء المُفسدين »خدّام إيران«، إلى أن احتلت الجزر الإماراتية، وأفزعوا أهلها ونهبوا ثروات أرضها وما زالوا ينهبون، ويعبثون بعقول البعض الذين لاذ معظمهم بالفرار، لكن البعض مِنهُم لا يزالون بيننا مختبئين.

لهذا وجب علينا أن نُحافظ على خليجنا العربي من العابثين بأمنه واستقراره، فما مضى قد مضى ولن يعود، والذي عاد إلينا عادت معهُ أجندات خارجية انعواجية الفعل والمضمون.

وعلينا إدراك أننا مسؤولون عن سلامة وأمن وطننا وأبنائنا من اليد المُخربة التي تسعى لشل دول المنطقة، بالتعاون مع حلقات الوصل التي تعيش بيننا ليسمحوا لهم بانتهاك حدود دول المنطقة، لمطامع مجهولة وليس لها أي هدف سوى إخضاع الخليج وإضعاف قوته في تحالُفاته التي تُنذر دول الغرب بأن صمت العرب ليس إلا تجاهل الحليم عن الجاهل، فما يفعلونه الآن ليس سوى تلاعُب بالواقع.

والحقيقة التي يعجز عن ذكرها الكثير، أنهُ منذُ القدم وأهل الجزيرة العربية والخليج العربي، يرفضون أن يتسيّد أحد عليهم، ونحن اليوم على مشارف تغيير التاريخ الذي كتبه الغرب وعاش أمجاده، متخيلاً أنه سيعيدها في يوم من الأيام بصُنع الديمقراطية الهادمة وإدخالها لنا بصورة التحسين للأوضاع فيضعفنا.

ولكن يُفاجئهم التكاتف الداخلي والخارجي الخليجي والعربي، ليدحر كُل مُخطط طائش قد خطط له العابثون ليقسموا الخليج ويستعبدوا أهله.. علينا أن نقف وقفة الرجل الواحد، في وجه كل من ينوي أن يشتت شمل بيتنا المتوحد ويُفرقنا.

Email