صناعة الإبداع

ت + ت - الحجم الطبيعي

إرساء بيئة محفزة للابتكار.. هذا هو فحوى الرسالة التي أرادها وأعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حين أطلق الاستراتيجية الوطنية للابتكار من خلال 30 مبادرة وطنية ستكون متاحة للتنفيذ خلال ثلاث سنوات. أراد سموه أن ينقل مبدئياً سبعة قطاعات حيوية، من مرحلة جودة الأداء إلى صناعة الإبداع وتحفيز الابتكار؛ في مجالات الطاقة المتجددة والنقل والصحة والتعليم والتكنولوجيا والمياه والفضاء، في خطوة إبداعية استباقية نحو المستقبل، توقن أن الدخول إليه لا يمكن في فلسفة سموه أن يكون من البوابات التقليدية، بل لا يمكن أن يكون إلا من خلال بوابات مشرعة على التجديد المستمر والتطوير المتواصل والابتكار غير المحدود.

هذه العقلية المنفتحة على الحضارة بأنصع صورها والمستقبل بأوضح أهدافه، لمسناها في ثقافة سموه باستمرار، فهو الذي يقول في »ومضات فكره«: »بالإبداع والأفكار نستطيع بناء الدول والمؤسسات. والمستقبل سيكون لأصحاب الأفكار«.

ويعيد تأكيد القول على جوهر المبدأ فيقول: »إذا عودت نفسك على الإبداع في الأشياء الصغيرة، فستبدع أيضاً في الأشياء العظيمة«.

نحن بحاجة إلى مثل هذه العقلية الإبداعية الابتكارية، لأننا بحاجة إلى فهم المستقبل والتميز فيه، بل أكثر من ذلك فنحن ننظر في الإمارات إلى المستقبل على أنه ميدان ينتظرنا لنحجز مكاننا في صدارته، ولن يكون ذلك متاحاً إلا إذا أصبح الابتكار ثقافة ومنهج حياة، تقوم عليه مؤسساتنا ووزاراتنا وتتربى عليه ناشئتنا، وتلتزم به خططنا.

ولقد كان هذا المنظور واضحاً جلياً حين أطلق سموه الاستراتيجية فقال: »الابتكار اليوم هو عمل مؤسسي، وسياسات وطنية، وكوادر متخصصة، ومجتمع تعمل كافة قطاعاته لاستكشاف طرق جديدة ومختلفة في أداء الأعمال«، فلا يوجد طرف مستثنى من مشروع الإبداع ومتطلبات الابتكار، لأنها من أهم ركائز التنمية اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً، كونها تتخذ من الاستناد على المناهج العلمية والبحث العلمي مرتكزاً للنهوض بالقدرات الريادية، وترجمة واقعية لإنجازات الإمارات وتبوؤها المراكز المتقدمة بين دول العالم المتقدم، وخطوة عبقرية نحو اقتصاد المعرفة، الذي يعد الابتكار أحد مرتكزاته وأبرز مقوماته.

استراتيجية في وقتها وضمن السياق الحضاري الذي تعيشه دولة الإمارات، من حيث التطور والتقدم التكنولوجي والرقي في ميادين النهضة، كما أنها تفتح المجال واسعاً أمام تحديات أكبر وأوسع للدوائر والمؤسسات والوزارات الحكومية، لتقف الدولة أمام تجربة تنموية جديدة عمادها هذه المرة طاقات أبنائها، وطريقها حيث العقول المتفتحة المبدعة، وغايتها حجز المرتبة الأولى ضمن أفضل دول العالم، ما يشكل مفخرة عربية وإسلامية، وريادة إقليمية لا تقف عند حدود.

نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى باستنهاض طاقات الابتكار، وسنعمل جميعاً أكثر من أي وقت مضى كذلك على صياغة مستقبل الإبداع، ومدعوون لولوج أبواب المستقبل تحت مظلة استغلال جميع الموارد والطاقات، كما أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، واصفاً الاستراتيجية الوطنية للابتكار بأنها »أولوية وطنية للتقدم، وأداة رئيسية لتحقيق رؤية 2021، ومظلة جامعة للطاقات والكوادر المتميزة والفاعلة في دولة الإمارات«، ومحفزا الهمم للقفز إلى العمل، وقرر هذا الأمر بقوله: »كنا ومازلنا ننادي بالإبداع في كافة المجالات، واليوم نريد تطبيقاً للإبداع عبر استراتيجية وطنية للابتكار، تعمل على تقديم منتجات وخدمات حقيقية ترتقي بالحياة وتدفع بالاقتصاد لآفاق جديدة«.. ونحن مع هذه النظرة الصادقة وذلك الطموح الكبير، لأنهما مفاتيح الريادة العالمية.

Email