ارحموا فلسطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

لست من الغفلة أن أوجه هذا النداء إلى دولة إسرائيل التي تعتبر أن أحد أهدافها الأساسية هو تدمير كل ما يمت إلى الشعب الفلسطيني بصلة، وحتى يزول هذا الشعب من الوجود وتقوم إسرائيل على كل أرض مملكة داود وسليمان فيما يتصورون، استعداداً وتمهيداً لأن تمتد من الفرات إلى النيل في قابل الأيام. هذا هو تخطيطهم، وهذا هو ما يعملون من أجله.

ومازال نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يقول إنه لن يعترف يوماً بحق المقاومة الفلسطينية، ولن يفاوضها يوماً حتى ولو بطريق غير مباشر، كما لو كان هناك بعد ما هو جديد، للحفاظ على أمن وحدود إسرائيل.

ولابد هنا أن أشير إلى خطاب الرئيس أبو مازن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد كان خطابا واضحاً في تمسكه بالحقوق الفلسطينية المشروعة، والتي أقرها المجتمع الدولي ممثلاً في قرارات الأمم المتحدة، ولم ينكر على إسرائيل حقها في الوجود، وذلك على أساس وجود دولتين كاملتي السيادة بينهما نوع من السلام.

ولكن خطاب أبو مازن أثار استياء إسرائيل، بل قالت المصادر الإسرائيلية إنها فوجئت به وأنه يسير على نهج عرفات، كما لو كان عرفات مجرماً وليسوا هم المجرمون الحقيقيون! أقول هذه المقدمة التي قد تبدو طويلة نوعاً ما، لكي أوضح أنني عندما أكتب هذا العنوان »ارحموا فلسطين« لا أوجهه إطلاقاً إلى إسرائيل، فأهداف إسرائيل هي كما أوضحت تدمير فلسطين وتدمير الوطن العربي كله والعمل على تفتيته وتقسيمه، وتساعدها على ذلك للأسف الولايات المتحدة الأميركية مع أن علاقاتها بمصر تحسنت نوعاً ما في الفترة الأخيرة.

وكأن كلام رئيس جمهورية مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن القضية الفلسطينية، ومفاوضاته مع أوباما وأحاديثه مع كثير من السياسيين الأميركيين، كلها لا جدوى منها في إقناع أميركا بأن تنتهج نهجاً عادلاً أو حتى شبه عادل في القضية الفلسطينية، وأن تترك هذا الانحياز الكامل لإسرائيل.

إذن، أنا عندما أقول ارحموا فلطسين أتوجه بكلامي إلى ناحية أخرى، وبوضوح فأنا أتوجه بكلامي إلى الإخوة من الفصائل الفلسطينية المتعددة، والتي لم يستطع بعضها حتى الآن أن يدرك حقيقة أن هناك مرحلتين من مراحل الكفاح. المرحلة الأولى لا يجوز فيها ولا يتصور الاختلاف بين أي من فصائل المقاومة، ولا حتى بين فرد وفرد.

المرحلة الثانية مرحلة الكفاح ضد المحتل الإسرائيلي، وتقتضي أن نقف جميعاً نحن الفلسطينيين صفاً واحداً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وعندما تنتهي مرحلة الكفاح وتقوم الدولة الفلسطينية بإذن الله وجهد المقاومة، يصبح حق الاختلاف طبيعياً وجائزاً كما هو الحال في كل بلاد العالم التي تتمتع بقدر من الديمقراطية.

ولا أتصور أن تقوم دولة فلسطينية في هذا الوقت من القرن الحادي والعشرين، دون أن تكون دولة ديمقراطية لكل المواطنين الفلسطينيين، حتى لا تدعي إسرائيل أمام العالم أنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.

كيف تتحقق هذه الديمقراطية المدعاة بكل هذا العدوان والتخريب الذي ترتكبه العصابات الصهيونية كل صباح! وهل يستطيع العالم أن ينسى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تملك أسلحة ذرية، رغم العديد من القرارات الصادرة من منظمات عديدة في المجتمع الدولي بإخلاء المنطقة من كل أسلحة الدمار الشامل وفي مقدمتها السلاح الذري؟ أيها الإخوة الفلسطينيون، وأنتم تعرفون جيداً موقفي من القضية الفلسطينية ومحاولاتي المتعددة في جمع الشمل، ولعل آخرها على المستوى شبه الرسمي ما قمت به أنا والمرحوم عمر سليمان من عقد اجتماعات عديدة للإخوة الأعزاء من الشعب العربي الفلسطيني الشقيق، وكثير منكم يعرف علاقاتي مع المرحوم المناضل ياسر عرفات التي يعرفها جيداً كل الإخوة الأشقاء.. ارحموا فلسطين وتوحّدوا في هذه المرحلة، ثم بعد التحرير افعلوا ما تريدون.

Email