الخروج من عنق الزجاجة

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم سواد الواقع الذي فرضته «داعش» على الأجواء العربية والعالمية إلا أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رأى فيه بصيص أمل بمستقبل أفضل بعد أن تنادى العالم من شتى أطرافه ليضع حداً للخطأ ويضيء شمعة في الظلام ويقفز من المحنة إلى المنحة.

وضع سموه أجندة للعالم لكي لا يكتفي بإزالة الظلام بنيران المدافع والطائرات وإنما لا بد مع ذلك وبعد ذلك وهو الأهم ملاحقة هذا الظلام بنور التنمية والبناء وتأهيل الشباب والنهوض بهم والقضاء على البطالة ومد جسور الثقة الحقيقية بين الشعوب والحكومات والعمل سوياً لمستقبل أفضل بعيداً عن الأفكار الظلامية التي تهدم ولا تبني وتقتل ولا تحيي.

بالأمل الكبير والثقة العظيمة بالله عز وجل أولاً ثم بالشعوب المستنيرة والواعية يرى سموه مفاتيح المخرج الآمن من هذه الكوارث التي أظلت مجتمعاتنا العربية وتأثر بها العالم أجمع، وتجاوز عنق الزجاجة العالمي الذي صنعته التنظيمات المتشددة الرافضة للآخر المتأبية على قبوله أو حقه في العيش الكريم وحرية الرأي، بعد أن حملوا أدوات القهر والعنف ليجبروا الناس على أفكارهم بالقوة، والحرب المزعومة باسم الله وتحت لواء الدين، والإسلام الحنيف من تشددهم براء.

فسموه كما أكد في مقاله الأخير « داعـش.. التي وحّدت العالم» يقول: «لست متشائماً بطبعي، بل أنا متفائل، متفائل لأن العالم بدأ يتوحد ويعمل بطريقة متناسقة لمواجهة هذا التحدي، ومتفائل لأن قوة الأمل والرغبة بالاستقرار والازدهار عند الشعوب أكبر بكثير، وأقوى بكثير من هذا الفكر الخبيث، ومتفائل أيضاً لأن العالم مر عليه في تاريخه الحديث والقديم من هو أسوأ من داعش وأخواتها، وانتهى بهم الأمر في صفحات التاريخ السوداء».

وهو يقدم وصفة إنسانية عظيمة يضعها سموه أمام العالم لحمل مشاعل النور المعرفي وليس الاكتفاء بمُسعرات النيران لأنها تقوم على الثقة بالجوهر الإنساني كما خلقه الله عز وجل وجوهره النبيل البعيد عن التعصب والتشدد المقيت والمناهض لكل أشكال الإقصاءات، وقد بناها سموه على ثلاثة محاور تتوجه نحو الإنسان بوصفه جوهر التنمية ثم الحكومات المحلية بوصفها حاضنة الأفكار الإبداعية.

واستثمار الطاقات الشبابية، ثم ثالثاً تتوجه نحو المحيط العربي والعالم أجمع كون الخطر الظلامي سيطال بشراره ولا شك الجميع ولن ينجو من شرره أحد، ولا بد من الوقوف أمامها طويلاً واستخلاص العبر من عمق النظرة فيها.

فأولها، كما يرى سموه، أنه لا بد من مواجهة هذا الفكر الخبيث بفكر مستنير، منفتح، يقبل الآخر ويتعايش معه، فكر مستنير من ديننا الإسلامي الحنيف الصحيح الذي يدعو للسلام، ويحرم الدماء، ويحفظ الأعراض، ويعمر الأرض، ويوجه طاقات الإنسان لعمل الخير ولمساعدة أخيه الإنسان.

وثانيها يقع على عاتق الحكومات في أن تقوم بملاحقة عدم استقرار وتذليل التحديات الجدية التي تواجه العديد منها في المنطقة، لأن عدم الاستقرار يعتبر بيئة مثالية وفراغاً تملؤه مثل هذه التنظيمات الإرهابية، وآخرها يقع على عاتق العرب والعالم أجمع بعدم تجاهل الإخفاقات التنموية في العديد من مناطق الشرق الأوسط، فالتنمية الشاملة.

وتحسين التعليم والصحة، وتوفير البنية التحتية، وتطوير الفرص الاقتصادية، هي حلول طويلة الأمد ومضمونة لمثل هذه التحديات، وذلك لأن التنمية المستدامة هي أكثر الحلول استدامة لمواجهة الإرهاب.

فوجود 200 مليون شاب في منطقتنا، إما أن نغرس فيهم الأمل، ونوجه طاقاتهم لتغيير حياتهم وحياة من حولهم للأفضل، أو أن نتركهم للفراغ والبطالة والأفكار الخبيثة والمنظمات الإرهابية، وإن التطور الاقتصادي والتنموي وتوفير فرص العمل ورفع مستوى المعيشة، لا تترك أي مبرر أو معنى لقيام تنظيمات إرهابية قوية، حتى وإن تم تجنيد بعض الشباب هنا وهناك.

 

Email