يابت ولد

ت + ت - الحجم الطبيعي

«يابت ولد» جملة من كلمتين ذات معنى واضح؛ «يابت» أي أحضرت، وفي الجملة تعني أنجبت، «ولد» معناها ابن أو وليد ذكر.

وإن اردنا أن نعرب هذه الجملة في اللغة العربية، تكون كالآتي: جاءت بولد = جاء فعل ماضٍ، والتاء تاء الفاعل ضمير مستتر تقديره هي، بولد = الباء حرف جر وولد مجرور بالباء وعلامة جره الكسرة الظاهرة على آخره.

وكل هذا الإعراب والترجمة الحرفية للجملة، لا تبين أي معنى مفهوم سوى ما ذكرناه، والذي لا يتعدى كونه خبراً.

وهنا يستمر موروثنا في عملية إبهارنا بمفرداته العميقة، والتي دائما ما ترمي بمعانيها العميقة الجذور إلى أبعد مما يُقرأ.

وكما هو الحال في جملتنا في هذا اليوم، والتي تعود الى موروثنا وتوضح مدى أهمية ولادة المرأة لمولودٍ ذكر، وإذا تعمقنا اكثر لوجدنا أن العرب كانوا يفرحون ويهللون بقدوم الولد، ويتشاءمون من ولادة البنت للأسف، وحسب ما ذكر في قرآننا الكريم أنهم كانوا يقتلون المولودة في الجاهلية، وهو ما حرّم في القرآن بتاتاً.

ومن هنا جاءت جملتنا التي ترسخت في جذور الموروث، وأصبحت ذات دلالات أخرى ومن زمن العرب قبل الإسلام إلى يومنا هذا، فقد ورّث أجدادنا لنا من ضمن الكثير مما تركوه، أن نقوم بالدعاء للشخص عندما يتزوج، بان يجعل الله بِكره ولداً، وهو حق مشروع لكل زوج أو شخص، وكما قال الله في كتابه العزيز في سورة نوح الآية رقم 10 ((فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا))، الامر الذي يثبت أن الابناء لهم أهمية خاصة لدى العرب، والدين لم يغير الكثير من مبادئنا، بل اكد عليها مثل الكرم والتضحية والصدق والجود... إلخ.

وهنا نقول إن الابن هو الذي يجعل اسمك مستمراً ويوصل النسل، وذلك من خلاله وأبنائه وأبناء أبنائه وهكذا... أما البنت فيذهب نسب أولادها إلى أبيهم والذي لا يمت لاسم أبيها بصلة. ونذكر بقول الشاعر «ينفعك ابنك وابن ابنك وأبن السلقلق لا»، أي أن ابن الولد سوف يُبقي لك من يحمل اسمك ابتداءً منه هو، ومن ثم ابنه وابن ابنه وهكذا..

أما ابن البنت والمشار إليه هنا بابن السلقلق، فسوف يأخذ اسم أبيه الذي في طبيعة الحال لن يكون حاملاً لاسمك. و«يابت ولد» هي جملة عبارة عن امتداد لذلك الموروث الذي قمنا بشرحه، ومعناها أن الامور تمت على ما تحب وتشتهي.

وفي بعض البلدان العربية يقولون في ما يخصه «سبع ولا ضبع»، فإذا كان سبعا فإن الأمر تم على أكمل وجه، وإذا كان غير ذلك فالأمر لم يتم حسب الطلب. وجملتنا «يابت ولد» تقال كتعبير شامل، فيه من الفرح والسعادة ونشوة الانتصار بتمام الشيء على ما يشتهي أصحابه.

فعلى سبيل المثال لو كانت هناك صفقة ما، وقمنا بإرسال شخص لإتمامها مع أصحابها وجاء ذلك المندوب، وقد تم كل ما أردناه لإتمام تلك الصفقة، فيقول عند مقابلته لنا للوهلة الاولى «يابت ولد»، فيعي الجميع أن الأمر تم على أكمل وجه، وسوف تجد أن الجميع يعيشون لحظات فرح ومن ثم يقومون بأخذ التفاصيل، وهذا إثبات آخر لهذا الموروث واللغة بأنهما الأفضل اجتماعيا بين لغات العالم وموروثاتها.وللحديث صلة،،،

Email