خدمة الوطن واجب وشرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

ردّ الجميل، وغرس القيم، وترسيخ الولاء والانتماء، ورفع درجات التضحية في النفوس.. أبسط ثمرات القانون الجديد الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن الخدمة الوطنية والاحتياطية، وهي ثمرات يتواصل جناها عاماً بعد عام، ويتألق قطافها جيلاً بعد جيل، لتكتمل منظومة العمل للوطن على جميع الأصعدة، تربوياً واقتصادياً وتعليمياً وعسكرياً.. وليكون الشباب دوماً على أهبة الاستعداد لتقديم نداء الواجب.

ترحيب شبابي واسع بهذا القرار، وكأن الشباب كانوا ينتظرونه على أحر من الجمر، لأنهم يعلمون مكانة هذا الوطن في النفوس، ومستعدون لفدائه بالغالي والنفيس، ومهما قدموا بين يديه فلن يردوا جميله عليهم، وهم بحماستهم لتطبيق القرار إنما يعلنون رغبتهم العميقة في أن يعززوا في نفوسهم روح الحزم، وأن يغرسوا في مسيرتهم بذور الثقة، وأن يسوّروا حياتهم بميزان الانضباط والصبر، كما أنها تفتح الباب أمام المرأة لتلتحق باختيارها وتنال من خير نداء الواجب، وتصقل شخصيتها لتقوى على تحمل التزامات الحياة وواجبات المستقبل.

ريادة الوطن في شتى المجالات، واستقراره الأمني والاجتماعي، وخططه المستقبلية الطموحة، كان لا بد لها من إكمال تاج تميزها بقانون الخدمة الوطنية والاحتياطية، لأنه يضع القوة إلى جانب الحكمة، وينصب السواعد لتسند العقول، في معادلة متوازنة تثبت خيرية خدمة الوطن في جناحي القوة والأمانة.

وإذا كان شبابنا وبناتنا أثبتوا تميزهم، وليس نجاحهم فقط، في شتى الميادين، فما أسرع أن يثبتوا تميزهم ونجاحهم في إتمام عناصر بناء المواطن الصالح، القادر على الاستجابة لتقلبات الظروف في أي وقت، ونيل شرف الاستعداد للذود عن حياض الوطن، بانخراطه في صفوف الإعداد والتوعية والبناء الفكري والنفسي، والارتقاء بجوانب العمل الناجع ودقة الرؤية التي تصنها المدرسة العسكرية، برفع معايير الاستعداد الحضاري ليعود أقوى مما كان نهضة وعملاً وفكراً وبناءً، وقد تسلح بزاد الإصرار على حماية كل ذرة من تراب الوطن والانتماء لقيادته والعطاء لأبنائه.

نفخر بأن صاحب السمو رئيس الدولة أصدر هذا القرار ليعزز لدى الشباب الرغبة الجامحة في خدمة الوطن، من غير أن تعيقهم الخدمة الوطنية عن مسيرة النهضة والعمل في ميادين الحياة الأخرى، فهي لا تعدو كونها وقفة مع بناء الذات وصقلها بين طلب العلم وأبواب العمل، فتعطيه الزاد الدافع ليكون أقوى على مكابدة مشاق الحياة، وتجعله أكثر استعدادا حين ينادي الوطن أبناءه.

تعلمنا في دولة الإمارات أن القوة ليست مفتاح الحرب، بل هي باب واسع من أبواب السلام، لأن السلام فلسفتنا التي تربينا عليها، ورسختها في نفوسنا قيادتنا الرشيدة.

ففي الذكرى السابعة والثلاثين لتوحيد قواتنا المسلحة، أطلق هذه الفكرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، واضحة صريحة مدوية حين قال: «بمقدار ما نحن مطمئنون إلى سياستنا ومتمسكون بنهجنا السلمي وسعينا إلى أفضل علاقات الصداقة والتعاون مع كل دول العالم، بمقدار ما يجب أن نكون أقوياء ومستعدين وجاهزين لصون سيادتنا واستقلالنا والحفاظ على أمن واستقرار ومقدرات وطننا وشعبنا، فالضعف يغري الطامعين، والاسترخاء يغري المتربصين، وثمن السلام والأمن والاستقرار هو دائما القوة الرادعة والاستعداد الناجز، والله عزّ وجلّ يأمرنا بامتلاك هذه القوة وهذا الاستعداد لمواجهة الأخطار المحسوبة وغير المحسوبة».

استعداد لخدمة الوطن، يتلألأ له الجبين افتخاراً بأن أبناءه وبناته يعلمون قيمة ترابه العزيز على قلوبهم، ويرون في خدمة الوطن واجباً ليس قبله واجب، وشرفاً ليس بعده شرف، ليبنوا أنفسهم في مصانع الوطنية والإباء، وليصنعوا هم بأيدهم مستقبلهم في طرق الحياة عملاً وعلماً، وبناء وعطاء.

Email