الإمارات ومصر.. المبدأ والمصير

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا توجد كلمة تصف بدقة العلاقة الوطيدة بين دولة الإمارات وجمهورية مصر العربية، أكثر وأدق من كلمة «إخوة»، ذلك أنها تحمل في طياتها علاقة الدم والتاريخ والانتماء، ويتظلل تحت معانيها واجب الحاضر واهتمام المستقبل، وينطلق من فضائها عمق المبدأ والتقاء المصير.

واجب الأخ نحو أخيه، أبسط المنطلقات وأقواها التي تدفع الإمارات قيادة وشعباً للوقوف إلى جانب الشقيقة مصر، وهو موقف رسخته القيادة الرشيدة منذ تأسيس الاتحاد الميمون، على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي رسخ القناعة الثابتة بمكانة مصر ودورها عربياً وإقليمياً، وأن علاقاتنا استراتيجية وطيدة، لا تنال منها الزوابع، بل تشد في عودها وتنعش جذوتها حتى تعود أصلب وأنصع مما كانت، وهذا ما يؤكده اليوم باستمرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

هذا الموقف أكده مجددا سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، حين قال إن «الإمارات تتبنى خطة لإنعاش الاقتصاد المصري ووضعه على المسار الصحيح». والواقع يثبت هذه المقولة على الأرض، من خلال مشاريع الإسكان والمستشفيات والمدارس والجسور والطرق، التي تحمل مسؤوليتها الإمارات لتعزيز البنية التحتية في الشقيقة مصر.

ولا شك أن ما مرت به مصر من تقلبات سياسية، أثر بشكل كبير على الواقع المعيشي للناس، وعطل الكثير من مشاريع البنى التحتية التي تعود على المواطن المصري بالخير والفائدة والرخاء، وهو ما يصلح شعاراً للمرحلة المقبلة بأن يعم الاستقرار أولاً لتعود مصر إلى حركة التنمية والانتعاش، وهو ما تتبنى دعمه بقوة دولة الإمارات، لأنها ترى ذلك من ألزم الأمور وأقربها من هموم المواطن المصري، فحاجة الدولة واضحة لتعزيز جهود التنمية في مجالات الإسكان والصحة.

وما نتمناه للشعب المصري في المرحلة المقبلة، هو المزيد والمزيد من الاستقرار الأمني والسياسي، لأن ذلك سيكون أعظم أبواب انتعاش الاستثمارات، العربية والعالمية، ثم يكون على هذه الأرضية جميع النجاحات الأخرى على صعيد البنى التحتية ودعم النمو الاقتصادي وخطط إنعاشه، وهو ما حملت لواء الدفع به دولة الإمارات كواجب أخوي ثابت لا تحيد عنه، ولن تتراجع عن إيصاله إلى الأهداف المأمولة والتي يطمح إليها المواطن المصري.

وإذا كان الشعب المصري قد قال كلمته سياسياً واختار مستقبله بوضوح، وتجاوز ضبابية المرحلة السابقة بنجاح واقتدار، فالكلمة الثانية هي كلمة الاقتصاد والتنمية، ولن يسمح المجتمع بالتهاون فيها بعد أن قدم الكثير لعودة الروح إلى الوضع السياسي الذي عصفت به الظروف السابقة، وبقدر ما يقدم للشعب المصري من تنمية ورخاء، بقدر ما تكون أثمرت كلمته السياسية، وهو المأمول جداً بإذن الله تعالى، وهو أيضاً واجب جميع أشقاء مصر وأصدقائها، وعلى رأسهم دولة الإمارات ودول الخليج العربية الأخرى.

نؤكد مرة أخرى ما أكدته قيادتنا الرشيدة، أن مصير الإمارات مرتبط بمصير الشقيقة مصر، وأن عودتها القوية إلى الصف العربي قوة للجميع، وأن واجب الإمارات نحوها إنما يفرضه تعانق التاريخ والمبادئ وتناغم اللغة في النظر إلى الواقع والمستقبل، عربياً وإقليمياً، وهو مبدأ تحرص عليه دولة الإمارات مع جميع الأشقاء العرب، وتضع نفسها في خدمة تجارب التنمية في كل دولة عربية تحتاج إلى الخبرات الإماراتية، وهي رسالة أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، واضحة جلية حين قال: إن «خبرة دولة الإمارات المتواضعة نضعها في خدمة ومساعدة الأشقاء والأصدقاء حول العالم، حرصاً منا على تشجيع التنمية الاقتصادية في هذه الدول، وتحقيق الرخاء والاستقرار لشعوبها». القادم أفضل بالنسبة إلى الأشقاء في مصر، إن شاء الله تعالى، وستبقى الإمارات وفية لالتزامات العلاقة الأخوية الراسخة حتى تعود مصر إلى دورها المعروف والرائد.

Email