أزمة المواطن العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن المواطن العربي في هذه الأيام يعيش في حيرة من أمره، ففي معظم الدول العربية أحداث كثيرة ومتشعبة يحار العقل في تحليلها أو تفسيرها، فهو كما شبه المفكر الألماني كارل مانهايم (1893-1947) حال المثقف، حينما أكد «أن المثقف في المطلق معارض لكل أشكال السلطات»، وأضاف «لأنه يمتلك دوماً رؤية مغايرة للسائد، ولما هو مطروح».

ولعل الساحة المصرية وانتخابات الرئاسة هناك، كانت الشغل الشاغل للإعلام المصري والعربي، وحتى العالمي، وذلك لأن جمهورية مصر العربية هي قلب هذه الأمة، ولها الريادة في التاريخ العربي والبشري كله، كما أنها دولة محورية في كافة الأحداث في المنطقة.

أما العراق فيعيش في صراع لا أول له ولا آخر، وبات المواطن العراقي يبحث عن الخبز والأمان، له ولأفراد عائلته، بعدما اشتعلت الطائفية نتيجة للتدخلات الأجنبية والصراعات الداخلية على السلطة والثروات، وتحول البلد إلى ساحة معركة جنودها أبناء العراق الأبرياء، والخوف أن يتحول الماء العراقي إلى أنهار من الدماء.

وفي سوريا، فإن الصراع قد ازداد بين أصحاب السلطة ومؤيديهم من جهة، وأولئك الطامعين فيها والذين يريدون الهيمنة على أمورها من جهة أخرى، بينما يحتدم الصراع الدولي في الأزمة السورية بين الشرق والغرب، بدرجة أفقدت الأمل في كافة الحلول والمساعي، بينما نزيف الشعب السوري مستمر ونزوحه خارج بلاده أيضا مستمر.

وما يجري في ليبيا تنفطر منه القلوب وتحار فيه العقول، فقد تحول البلد إلى ساحة للإرهاب في أبشع صوره، وبات الليبيون يتحسرون على ما جنوه على أنفسهم بأيديهم، عندما هبوا ضد حكم كانوا يعتقدون أنه الأسوأ في التاريخ، فاكتشفوا أن هناك ما هو أسوأ منه بكثير.

أما اليمن فإن الحديث عن الانقلابات العسكرية، قد جعل ذلك البلد السعيد، باحثاً عن السعادة، ولا بد أن يعاد النظر في العملية السياسية في بلد الخيرات، وأن ترجع الطموحات إلى بلد البن الأفضل في العالم، وحرق أشجار القات التي غيبت ذلك الإنسان عن العطاء والبقاء رافعاً الرأس.

لقد أصبحت المزايدة السياسية هي سمة معظم السياسيين على الساحة العربية، وأصبح كل من هب ودب يفتي في السياسة ويقرر مصائر الأوطان والشعوب.

وقد ثار الجدل كثيراً حول الانتخابات الرئاسية المصرية، وحول ما إذا كان حمدين صباحي القيادي الناصري، منافساً حقيقياً أم مجرد دور في تمثيلية معدة سلفاً، ووصل الجدل من التخلف لدرجة السؤال «لماذا قرروا إعلان النتيجة يوم 5 يونيو؟» المعروف بيوم النكسة.

وكأنها قضية أخرى كنا بحاجة لها من قلة القضايا! وخرج الشامتون من الإخوان المسلمين يهللون لتراجع الإقبال على التصويت في اليوم الأول، يشككون في انتفاضة الشعب والجيش في يونيو الماضي التي وصفوها بالانقلاب.

وعندما زادت أيام التصويت يوماً صرخوا وشككوا في القرار الذي بدا صائباً، لأنه أعاد الأمور لمسارها وخرجت الجماهير للصناديق، وتحققت النسبة المطلوبة لإثبات أن ما كان في 30 يونيو من إسقاط لحكم الإخوان لم يكن انقلاباً عسكرياً بل إرادة شعبية.

 ويبقى السؤال؛ إلى أين ستذهب مصر بعد ذلك؟ وهي على أبواب معركة انتخابية أخرى قد تكون أكثر حدة وجدلاً، إنها الانتخابات البرلمانية التي ستحدد إلى حد كبير هوية وشكل السلطة التنفيذية القادمة في مصر.

كل هذه الصراعات في هذه المنطقة العربية، والتنمية متوقفة والمواطن العربي يزداد إحباطه بعد طول انتظاره لتحقيق القليل من طموحاته ومطالبه، والمشاكل الاقتصادية تتفاقم، ولا أحد يعلم إلى أين تسير الأمة العربية!

 

Email