الوظائف والأجور المتدنية مفسدة للاقتصاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

أوضح المتحدث باسم البيت الأبيض جون بوهنر أن رفع الحد الأدنى للأجور هو «سياسة سيئة»، لأنها ستؤدي إلى فقدان للوظائف. ويقول رئيس غرفة التجارة الأميركية إن زيادة الأجور ستكون قاتلة للأشغال.

وفي هذا السياق يقول الجمهوريون ومسؤولون في غرفة التجارة، إن النقابات أيضا هادمة للوظائف، فضلا عن قانون الرعاية الصحية. ومن جهته نشر رئيس غرفة تجارة ولاية كاليفورنيا، قائمة سنوية بمجموعة العوامل الهادمة للوظائف، لكنها لم تتضمن أي تدابير لرفع الأجور أو حماية العمال أو البيئة.. وهذا كله كلام أجوف.

لقد علا صراخ الجمهوريين والمسؤولين في غرفة التجارة عام 1996، عندما قدمت توصية برفع الحد الأدنى للأجور، وقالوا إن ذلك سيقضي على الوظائف. وبالفعل تم رفع الأجور في السنوات الأربع التي تلت مناشدتي، وأوجد الاقتصاد الأميركي وظائف أكثر مما أوجد خلال أي فترة مماثلة سبقت هذه السنوات الأربع.

وذلك لأن رفع الحد الأدنى للأجور لا يرفع بالضرورة تكلفة الأعمال. بل أدى رفع الحد الأدنى للأجور إلى زيادة عدد المتقدمين للوظائف في سوق العمل، مما منح أرباب العمل فرصا أكبر للاختيار بين الموظفين. ونتيجة لذلك أصبحوا يشغلون عمالا أكثر احترافية في مهنهم ويحتفظون بهم فترة أطول.

وبذلك وفر أرباب العمل أموالا تعادل ما يصرفونه على الأجور الأعلى. ويمكن أن ترفع الأجور الأعلى، معنويات الموظفين بشكل يخلق أداء أفضل. وحتى لو أدى رفع الحد الأدنى للأجور أو المساومة على رفعها، أو تحسين ظروف العمل أو توفير أماكن عمل أكثر أمانا، إلى زيادة تكلفة المشاريع، فإن ذلك لن يؤدي بالضرورة إلى القضاء على الوظائف، فأرباح الشركات اليوم تشكل أكبر نسب مسجلة في الاقتصاد.

وتستخدم شركات عدة أموالها لإعادة شراء أسهمها وزيادة قيمتها بشكل مصطنع. وهناك قضية أكثر عمقا، فلو افترضنا أن بعض هذه الإجراءات قد تتسبب في خسارة الوظائف، فهل يعني ذلك أنه يجب علينا أن لا نمضي في تحقيقها؟ الأميركيون يحتاجون للوظائف، ولكنهم يحتاجون أن تتمتع هذه الوظائف بالحد الأدنى من اللياقة.

فالدولة يمكنها إيجاد ملايين الوظائف غدا، إذا قضينا على مسألة الحد الأدنى للأجور، وسمحنا لأرباب العمل بإعطاء دولار واحد للعامل في الساعة أو أقل من ذلك. ولكن هل حقا نريد ذلك؟ وبهذه الطريقة، أي بإلغاء جميع التشريعات المتعلقة بالصحة والأمان، فإن أميركا تستطيع إيجاد الكثير من الوظائف، إلا أن ذلك قد يعرض ملايين العاملين للإصابة بالأمراض الفتاكة.

وإذا تم استقصاء تشريع الرعاية الصحية، فإن مئات أو آلاف الأميركيين قد يعملون في وظائف لا يرغبون بها، ولكنهم يضطرون للعمل بها للحصول على تأمين صحي. وبهذه الطرق قد نولد وظائف ولكن لن نولد انتاجية. فالأخيرة تتطلب ايجاد وظائف أكثر برواتب أعلى، وتكون آمنة وتحافظ على البيئة. وإذا كان تقديم الحد الأدنى من المعايير الصحية والأمنية في الأشغال سيؤدي إلى التخلص من بعضها، فإن هذه الوظائف ليست هي ما يجب المحافظة عليه.

من المهم الإلمام بالمصدر الحقيقي لإيجاد الوظائف، وتوظف المشاريع أناسا أكثر عندما يكون لديها زبائن أكثر، وعندما يقل الزبائن فإن الشركات تسرح موظفين أكثر. إذن، الزبائن المقتدرون هم من يوجد الوظائف. وحتى محال «وول مارت» قد تستوعب ذلك يوما ما، فالشركة تدرس ما إذا كانت ستدعم رفع الحد الأدنى للأجور.

وكان ديفيد تافور، المتحدث باسم «وول مارت»، أشار إلى أن خطوة كهذه ستزيد تكلفة الرواتب، ولكنها أيضا ستضع مالا كافيا في جيوب زبائن هذه المحلات. وبكلمات أخرى، فإن ذلك يتناقض مع ما تسمعه من الجمهوريين ومن مسؤولي غرفة التجارة. فهادم الوظائف في الولايات المتحدة، هو الوظائف والأجور الرديئة فحسب.

 

Email