ثقة متبادلة وطموح كبير

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا مجال للشك في مستوى الثقة التي تجمع المواطن الإماراتي بقيادته في الاتجاهين معاً، صعوداً ونزولاً، وتحكم جوهر العلاقة السياسية في دولة الإمارات، لا سيما ونحن نرى كل يوم مصداق هذه الثقة المتبادلة بيننا في جميع الصعد وعلى مختلف المجالات، رعاية وحكمة من القيادة، وإخلاصاً وولاءً من الشعب، في نموذج متميز يحتذى في فلسفة الحكم، أرست دعائمه سنين من العلاقة الاجتماعية الوطيدة، وفن الحكم القائم على تقدير الإنسان أولاً وآخِراً، وأن تكون الحكومة في خدمة الشعب ورهن طموحاته، وأن يبادر أبناء الوطن لترجمة خطط الحكومة بالعمل والإخلاص.

والقيادة الرشيدة تدرك أهمية هذا الكنز في علاقتها مع شعبها، التي تستعذب دوماً إطلاق اسم الأبناء على جميع أفراد الشعب، في رسالة مفادها المحاكاة الحميمة لجوهر العلاقة بين الأب وابنه، من واجب الرعاية والحماية والدعم في مقابل الوفاء والبر والفداء.

قبل فترة وجيزة شهد العالم عرسنا الاجتماعي الحكومي، حين فتحت الحكومة الأبواب مشرعة أمام أفراد الشعب للتفكير بصوت مسموع، وقول ما يجول في خواطرهم من أفكار إبداعية تسهم في تطوير قطاعين من أهم القطاعات الحيوية في المجتمع، وهما الصحة والتعليم.

 وكما شهدنا وشهد العالم معنا، كان كرنفال الاقتراحات حافلاً بآلاف الأفكار الدالة على إخلاص الشعب لحكومته، ورغبته العارمة في أن يكون سنداً لها في الارتقاء إلى المصاف العليا، حتى وصلت إلى أكثر من 60 ألف فكرة تطويرية، تمت دراستها بعناية فائقة من قبل الحكومة لتوضع في الميدان.

وكان ذلك العصف الذهني الجماهيري، برعاية وتشجيع وتبني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي أكد بوضوح تام أن الحكومة تأخذ بجدية كبيرة كافة المقترحات التي تأتيها من الميدان أو الجمهور، وأن التوصيات التي تم اعتمادها خلال جلسات العصف الذهني الإماراتي الأخيرة، هي ضمن الأجندة الثابتة لمجلس الوزراء، كما أن الأجهزة الرئيسية في الحكومة بدأت العمل على تنفيذها بشكل مباشر بعد الخلوة.

وقبل أيام اعتمد مجلس الوزراء قراراً خاصاً بإنشاء المعهد الوطني الإماراتي للتخصصات الطبية، أو ما يسمى بـ"البورد الإماراتي"، كإحدى الثمار اليانعة للعصف الذهني الإماراتي، وهو يهدف إلى تنمية وتطوير القطاع الصحي في الدولة، عن طريق رفع المستوى العلمي والمهني للأطباء والمهن الصحية في مختلف التخصصات، وإعداد وتطوير الكوادر الصحية، ورفع مستوى ونوعية التعليم الطبي العالي وبرامج التدريب التخصصي.

خطوة نفخر بها بلا أدنى شك، وهي على الطريق الصحيح تماماً في تطوير منظومة العلم والصحة والرخاء الاجتماعي، لأن العمل الناجح هو الذي يبدأ من القواعد، فلا يكفي أن نستجلب أمهر الاختصاصيين في العالم للاستفادة من خبراتهم وتقديم العلاج لأبناء الوطن دون تكبيدهم عناء السفر إلى الخارج للبحث عن العلاج...

وهو ما لم تقصر فيه الدولة أبداً، إلا أن الخطوة المكملة وربما الأجدى، هي تأسيس منابع فياضة تخرج للمجتمع تخصصات علمية ومهارات تدريبية عالية، ترتقي بكوادرنا المواطنة وتفتح المجال أمام الطامحين لنيل أعلى الاختصاصات العلمية تحت مظلة الوطن.

الباب مفتوح على مصراعيه أمام أبنائنا والمقيمين على أرضنا المعطاء، الراغبين في الارتقاء بمستواهم أولاً، وتعميق اختصاصاتهم ومهاراتهم في هذا الفن، ثم إنه مفتوح أيضاً أمام الحريصين على رد جميل الوطن، لا سيما من شبابنا، للعمل تحت مظلة الوطن وتفعيل جوهر الثقة المتبادلة، التي تشكل قوام العلاقة بين قادة الإمارات وشعبهم، ليكتمل مثلث التقدم والرقي عند كل أمة طموح؛ حكومة تثق في شعبها وتحرص عليه، وشعب يبادر بالعطاء وبذل الجهد، ووطن يستحق الإخلاص له وأن يعمل من أجله الجميع.

لا شيء أبداً يمنعنا من أن نكون مثل أفضل الأمم والدول، بل وأن نتفوق عليها، ما دامت جميع مقومات ذلك الهدف موجودة ولا يقف في وجهها عائق، وأن ننظر في هذه القطاعات الحيوية المهمة إلى أرقى الدول تطبيقاً لها، وننافس حتى نصل إليها..

 

Email