الأمن والاستثمار في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح من المعروف والمقبول منطقياً واستراتيجياً لكل دولة، تعانق الأمن والاقتصاد استقراراً واضطراباً وارتباطهما ارتباطاً طردياً، فكلما زاد الأمن انتعش الاقتصاد وانتعشت بدورها حياة الناس، نظراً إلى أن الاستثمارات في أصلها لا بد أن ينال من خيرها الجميع في دولة تعرف كيف تعود بخير الاستثمارات الداخلية والخارجية لأبنائها، من دون أن تضر بمصالح المستثمرين أو تضيّق عليهم وتفرض عليهم ضرائب الاستثمار.

وهذا ما نجحت في صياغة مفهومه دولة الإمارات، التي أضحت اليوم قبلة المستثمرين من شتى دول العالم، لما يجدونه فيها من فرص آمنة مستقرة تنزع الخوف والجبن المقرون برأس المال عادة، وقوانين صارمة تضمن صيانة حقوق المستثمرين دخولاً إلى السوق أو خروجاً منه، وقضاء عادل مستقل يقف فيه الجميع سواسية، لا محاباة أو مداراة لأحد أمام القانون حتى لو كان من أبناء الوطن.

نجحت الإمارات في صياغة هذه المعادلة، ولا تزال ترصد الجهود والميزانيات لترسيخ قضية الأمن والاستقرار الوطني، ولا تبخل على نفسها في هذا الاتجاه؛ لأنها تعلم علم اليقين متطلبات المرحلة وما تعنيه نعمة الأمن والاستقرار، وما تجنيه من عوائد وفوائد بدءاً من الإنسان وانتهاءً بالبنى التحتية الناشطة القوية.

قبل أيام خرج تقرير حول التجارة الدولية أشرفت عليه وزارة التجارة الأميركية في دليلها السنوي وتناول مصادر الأمن والسلامة، ذكرت فيه أن «استثمارات دولة الإمارات في مجال الأمن الداخلي؛ والتي تبلغ نحو 5.5 مليارات دولار في الوقت الحالي، ستتضاعف لتصل إلى أكثر من 10 مليارات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، كما أن حجم إنفاق الإمارات على أمن المطارات سيرتفع ليصل إلى ما يقارب 57.7 مليون دولار أميركي بحلول عام 2015، وذلك لزيادة الاستثمار في الأمن الداخلي والتنمية الاقتصادية والنمو السكاني المتسارع، فضلاً عن الاضطرابات الإقليمية وزيادة مستوى وتعقيد التهديدات المحتملة..».

ليس قليلاً أن تستثمر المليارات في الأمن الوطني، لا سيما ونحن نرى ما يفعله غياب الأمن في بعض الأوطان، وبعضها عربي للأسف ونرجو لها من كل قلوبنا عودة الأمن والاستقرار لأرضها وأبنائها وشعوبها..

نعم، وبلا أدنى شك فإن المليارات لا تساوي شيئاً أمام سلعة الأمن الغالية، ولذلك يؤكد المسؤولون الأمنيون في بلدنا على هذا الأمر، حين يقررون حقيقة أن «الأمن الوطني يمثل أولوية قصوى للدولة في ظل النمو والتطور الاجتماعي والاقتصادي اللذين تشهدهما الإمارات، وأن استثمارات الدولة في مجال الأمن تعكس بصورة متواصلة التحديات لتحقيق ما ننشده من الأمن والسلامة لمجتمعنا وزوارنا».

هذا من جهة الحكومة والدولة والقيادة الرشيدة التي لا تألو جهداً في تقديم الغالي والنفيس لضمان دوام استقرار الوطن وحماية أركانه وصيانة أمنه، وهي جهود نلمسها على الدوام في مواقف الإمارات المعتدلة ونجاح السياسة الخارجية، والمبادرات الإنسانية الكبرى المتواصلة ووصول الخير الإماراتي لشتى بقاع الأرض، من منطلق إنساني يحب الخير والأمان للجميع، متزامناً بالتأكيد مع الخطة الاستراتيجية لوزارة الداخلية للأعوام (2014-2016) التي تم إعلانها مؤخراً، والتي هدفت لرفع نسبة الشعور بالأمان من 93.9% خلال العام الجاري، إلى 94.6% بحلول عام 2016، وخفض عدد المخالفين لقانون دخول وإقامة الأجانب إلى 18%، وخفض معدلات الوفيات على الطرق إلى 5.5 لكل 100 ألف نسمة.

بما ينسجم أيضاً مع الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي جعلت من بين أهدافها الرئيسية «أن تكون الإمارات البقعة الأكثر أماناً على المستوى العالمي، وذلك برفع نسبة الشعور بالأمان لكافة فئات المجتمع إلى نسبة 100%».

ويبقى دور المجتمع حاضراً أيضاً وبقوة، في تعزيز هذا الاتجاه وإشاعة الأمن الممهد لمزيد من الاستثمار والرخاء للجميع. فكما أن الدولة تنفق المليارات لصون أمن الوطن وحفظ استقراره، فلا بد أن تكون لنا نحن أبناء هذا الوطن والقاطنون على أرضه، مساهماتنا الجادة في ترسيخ استقرار الوطن؛ لأنه رصيد حاضرنا ومستقبل أبنائنا، وكلنا مسؤولون عن رعايته والنهوض بأمنه واستقراره.

Email