قضاؤنا وفضاء الحريات

ت + ت - الحجم الطبيعي

ربما لو حاولنا أن نلخص ونختصر مضمون الفضاء الكبير الذي ينعم به سلك القضاء في الإمارات، والمساحة الشاسعة من الحرية والنزاهة والشفافية التي يحظى بها العاملون فيه من قضاة ومحامين وقانونيين.. لن نجد أبلغ من كلمة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حين خاطب القضاة بقوله: لا سلطان عليكم إلا الله، والقانون، وما تمليه عليكم ضمائركم.

واضحة وضوح الشمس تلك الرسالة التي أوصلها صاحب السمو رئيس الدولة إلى العاملين في السلك القضائي أولاً، وإلى العالم أجمع من ورائهم، أن الإمارات بلد القانون ونزاهة القضاء، وأن جوهر العدل في الدولة هو نظرتها الثابتة تجاه الإنسان وكرامته وحقوقه.

والقيادة الرشيدة حين أطلقت وتطلق مثل هذه التأكيدات لأهل الميدان القضائي ومن حولهم، لم ولن تتركهم دون المتابعة الحثيثة والاهتمام الشخصي بأدق الأمور، والحرص على مدى سريان هذا النفس العميق من الحرية في القضاء، والشفافية في تداوله، والنزاهة في التعاطي مع أحكامه، وتطبيقها على الجميع بشكل متساو، دون تفريق بين الأعراق أو الجنسيات، فصاحب الحق هو سيد الموقف، والمخطئ يحاسب تحت مظلة القانون مهما كانت انتماءاته.

لسنا بحاجة إلى كثير أدلة على ذلك لإثبات هذه الحقيقة البسيطة الواضحة، ولا ندافع عن نزاهة قضائنا، لأنه ليس في قفص الاتهام ابتداءً، بل من باب الحديث عن نعم الله علينا، وشكره على ما تحفل به الدولة من نعمة الأمن والاستقرار وسيادة القانون، والحكم بالسوية بين الناس، وهو ما تدركه تمام الإدراك جميع الجاليات، وربما يكفي إشارة إلى ذلك ما ذكره سفير الهند في الإمارات قبل فترة قريبة، حين أكد أن 90 % من إجمالي السجناء الهنود في سجون الإمارات، والذين يبلغ عددهم 1000 سجين، يفضلون البقاء في سجون الإمارات، كونهم يحصلون على أفضل معاملة من قبل إدارات السجن والعاملين في السجون، وتحترم حقوقهم بالكامل، ويتلقون أفضل خدمات، من كساء وغذاء ودواء وزيارات منتظمة من ذويهم وأقربائهم، حيث يسمح لذويهم بزيارتهم، سواء كانوا داخل الإمارات أو قاطنين في الهند.

ولا شك لدينا ولا لدى أحد من المنصفين، أن المواطن والمقيم في الإمارات كليهما أمام القانون سواء، والمظلوم له سلطان كبير يحمل لواءه حتى يحصل على حقه غير منقوص، مستنداً إلى قضاء عادل، يحظى باستقلالية تامة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويعلم يقينا أن معادلة دولة القانون لا يمكن تحقيقها على أكمل وجه، إلا تحت مظلة عدالة القضاء، التي ترى الإنسان محور اهتمامها وغاية عملها.

ونعلم جميعاً، ويعلم المنصفون كذلك، أن الدولة وقيادتها اهتمت اهتماماً بالغاً باستقلال القضاء وشفافيته وحياديته، ويشهد العالم أن النظام القضائي في الدولة من أفضل النظم على الصعيد الدولي، كما أن مرفق القضاء بدأ بالتحول الفعلي إلى البرنامج الذكي، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بحيث يستطيع المتقاضون تسجيل القضايا ومتابعتها، وسداد رسومها وتقديم الطلبات كافة المتعلقة بها إلكترونياً.

هي نعمة عظيمة بلا شك، أرسى دعائمها قادة مخلصون، هاجسهم الدائم نشر العدل بين الناس، لأن العدل أساس التمكين في الأرض، ولن تقوم قائمة لأي أمة إلا إذا تمسكت بهذا الحبل المتين من المساواة بين الناس، وهي سنة كونية مطّردة عميقة الجذور في التاريخ، وكثيرة الشواهد في الحياة، حتى قيل إن الله لينصر الدولة الكافرة العادلة، ولا ينصر الظالمة وإن كانت مسلمة، فما بالك إذا كانت دولتنا الكريمة تعلي من شأن العدل تحت مظلة الإسلام، فخورة بكلا الجناحين لتحقيق الرفعة بين الأمم.

Email