عبد الله عمران الذي علمني أبجديات الصحافة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في 30 يناير عام 2014 فقدت دولة الإمارات عموداً من أعمدتها الدكتور عبد الله عمران تريم، قومي عربي مشهور بتمسكه بالعروبة والقومية العربية، كان المرحوم رجل من رجالات الدولة الذين ظهروا على الساحة في فترة تأسيس الاتحاد، والتحق بالوزارة الاتحادية ليتولى وزارة التربية والتعليم وأيضا وزارة العدل، وقد كان رمزا من رموز الصحافة العربية والمحلية، وساهم مع أخيه المرحوم تريم عمران تريم في تأسيس دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر.

كنت منذ الصغر أسأل عنهما والدي كلما رأيت صورهما في تحقيق مجلة العربي في عام 1960 الذي أجرى لأول مرة تحقيقا في إمارة الشارقة وكان ضمن استطلاع مصور وضمن الصور التي جاءت بالتقرير صور من طلاب ثانوية العروبة، فيهما المرحومان الدكتور تريم عمران والدكتور عبدالله عمران تريم، وكان والدي يجيبني أن هذين الرجلين من أبناء الشارقة اللذان سوف يحكي التاريخ عنهما إن شاء الله فيما بعد وسترين.

في هذه الاثناء كان تريم عمران وعبدالله عمران تريم قد بدآ يدرسان في الكويت، وكانت هذه فرصة لتعارفهما مع والدي خلال إقامتهما في الكويت وأصبح التردد واللقاء كثيرا فيما بينهما، وكنت أنا في لحظات أراهما وأحضر لمشاهدتهما والتعرف عليهما، وكانا يعتبران من أوائل الطلاب من إمارة الشارقة الذين التحقوا بجامعة الكويت بعد افتتاحها ثم سافرا إلى القاهرة، ثم بدآ مسيرة الصحافة.

وعرفهما العالم العربي بوطنيتهما وتمسكهما الشديد بقوميتهما العربية بينما كنت أنا اتابع أخبارهما من والدي الذي بدأ يتلمس اهتمامي في الصحافة من خلال مادة التعبير المدرسي ومن خلال اهتمامي بالإلقاء الإذاعي اليومي في الصباح المدرسي.

ثم نما لدي حب الصحافة، وفي هذا الإطار بدأ اهتمامي يبرز بقرأة الصحف والكتب المتاحة، وكان والدي يراقب هذه الحالة التي كانت تنمو لدي وتزداد بشكل سريع، وكنت أتابع الساحة الإعلامية والصحفية والمجلات الموجودة في الساحة الإماراتية إلى أن صدرت دار الخليج للصحافة والطباعة والنشر التي أسساها المرحومان تريم عمران وعبدالله عمران تريم، فما كان من والدي المرحوم ماجد السري بعد أن لمس هذا كله أن قام بأخذي بكل تشجيع ورحابة صدر وذهبت معه إلى مبنى الجريدة الذي كان متواجدا سابقاً في شارع الوحدة.

كان ذلك في مساء أحد أيام سبتمبر من عام 1981، ودخلنا إلى مكتب المرحومين تريم عمران وعبدالله عمران تريم واستقبلانا بكل ترحيب، هذا الترحيب الذي كان بالنسبة لي جرعة التشجيع الأولى في مجال الصحافة، ولن أنسى لقاء هذين الرجلين في حياتي لأنه بعد فضل الله سبحانه وتعالى ومن هذا المكتب كان لهما الفضل الكبير على مسيرة حياتي الصحفية بعد ذلك، وبفضل تشجيعهما لي أنا وصلت إلى هذه المرحلة.

في دار الخليج التي كانت تقع في شارع الوحدة كنت أقابل المرحوم عبدالله عمران تريم عندما أزور الجريدة في المساء وكان يوجهني ويصطحبني إلى أقسام الجريدة بالتعاون مع أخي وزميلي غسان طهبوب، وذلك لكي آخذ فكرة عن أقسام الجريدة إلى أن استقر بي المقام أن أنشر في باب آراء مدرسية باسمي وباسم ثانوية الزهراء في الشارقة.

وفي الصيف أعطاني فرصة أن أكتب في ما أرى من المشاكل الاجتماعية في صفحة منبر القراء، ثم انتقلت إلى القسم الثقافي مع الدكتور يوسف عيدابي الذي كان خير معين لي في المجال الثقافي، وقد أفرد لي المرحوم بو خالد، عندما سافرنا لزيارة دولة الكويت وزرنا وزارة التربية لدولة الكويت، أفرد لي صفحة كاملة للكتابة عن الزيارة مع الصور، وقد كان هذا تشجيعاً كبيرا لي لن أنساه لأنه بسبب هذا التشجيع دخلت مجال دراسة الإعلام في جامعة الإمارات.

بعد هذه المسيرة وفي العيد الوطني الاربعين لدولة الامارات العربية المتحدة قررت أن أنجز مشروعا وطنيا يبرز من خلاله سيدات ورجال المجتمع وكان من ضمن الاربعين رمزا وطنيا المرحوم عبدالله عمران وتريم عمران الذي بدأت أتكلم عنه في أغلب مناطق الدولة وعبر المراكز الصيفية وخلال أيام العيد الوطني، وستبقى كلمات والدي عالقة بذهني بأن " هذين الرجلين سيحكي التاريخ عنهما " رحمة الله عليهما...

 

Email