مكاسب «إكسـبو»

ت + ت - الحجم الطبيعي

"وصارْ إكســبو عشــرينْ وقــتْ الرّهان

                               مـنْ حَقنــا مـبْ حــظْ جانــا بالأوهـــامْ

هـو للعــربْ نصرْ وحيـــاهْ ومعانـــــي

                            وهـوهْ اعـتـرافْ لشَــعبنا الحِـرْ ووســـامْ"

محمد بن راشد آل مكتوم

 

يقول البدو إن "الاسم ينزل من السماء"، ويقول العرب إن "لكل شيء من اسمه نصيب"، وإكسبو كلمة إنجليزية تعني التجمع الضخم، ولكنها تعني بالعربية "الكسب"، وقد كسبت دبي رهان هذه التظاهرة الإنسانية بكل جدارة واستحقاق، لأنها لم تعد مجرد مدينة عالمية، بل أضحت مدينة العالم بروحها وأريحيتها واحترامها وتقبلها للآخر، بقدراتها والتزامها بالفعل والأداء المتميز، بفرص النجاح وبيئة العمل الملائمة التي توفرها لكل من تشرف بالعيش على ثرى أرضها الطيبة.

لقد كسبت دبي "إكسبو" منذ زمن بعيد، بعد أن تشرفت بأن تكون حمىً لصاحب قامةٍ عربية شامخة في سماء الزعامة، وصاحب رؤية قلّ مثلها، وصاحب قلبٍ شجاعٍ يؤمن بأن القائد الحقيقي هو من يصنع قادةً عظاماً، وهو الذي يذهب بهم ومعهم إلى المستقبل ليصنعه. كسبت دبي "إكسبو" منذ انتضى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم سيف العمل من غمد الطموح، ورمى بسهم السعي من كنانة الإيمان، وقذف برمح السبق من شجرة الريادة والمبادرة.

حصلت دبي على الفرصة الملائمة لإثبات قدرتها على تنظيم هذا الحدث الإنساني على أحسن ما يكون التنظيم، كما وعد العالم بذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الذي أكدّ أن تكون دورة دبي هي أفضل دورات إكسبو على الإطلاق، وأن دبي ستبهر العالم في تنظيمها وإخراجها لهذا المعرض وحسن استقبالها لزواره والمشاركين فيه.

كان التصويت سرياً، فكان تصويتاً على الكفاءة والقدرة والتميز، بعيداً عن المجاملات والتحيز لمنطقة جغرافية أو دين أو عرق.

نعرف أن "ألسنة الخلق أقلام الحق"، وهذا ما يقوله العالم عن دبي، فهذه صحيفة الديلي تلغراف تؤكد أن "دبي تمثل البداية الشابة للأسرة العالمية"، أما صحيفة "إيكونوميك تايمز" فتشير إلى أن "دبي بوابة رئيسية لرجال الأعمال الساعين إلى موطئ قدم في المنطقة"، وأن "فوز دبي يُمثل إعلاناً لصعودها الحلبة العالمية"..

وغير ذلك الكثير من إشادات صدرت عن رجال الاقتصاد والسياسة والمال والأعمال في مختلف أنحاء العالم، ويكفي هنا أن نعرض ما قاله بيل غيتس، وهو أحد أعظم المبتكرين في التاريخ، عن دبي وعن معرض إكسبو: "من المناسب أن تسعى دبي لتصبح مركزاً وملتقى من خلال منافستها على معرض إكسبو العالمي، ولا عجب، فذلك هو جوهر دبي، أحدث مدينة عالمية في القرن الحادي والعشرين، مكان يعيش فيه أناس من أكثر من 200 جنسية، يعملون معاً ويحلمون معاً". لقد أثبتت دبي أن لا مستحيل أمام الإرادة، ولا صعاب أمام العزم والعزيمة.

وكسبت دولة الإمارات العربية المتحدة، لأن الفوز بإكسبو أثبت عمق الشعور بالمواطنة والانتماء الحقيقي لهذه الدولة الفتية بين أبناء الوطن الواحد، فكانت فرحة فوز دبي فرحة لجميع المواطنين في كل بقعة وقرية ومدينة في الدولة، كانت فرحة الفوز فرصة للتعبير عن الحب الحقيقي والانتماء الحقيقي لهذا الوطن المعطاء. فقد بادر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، إلى تهنئة أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، تأكيداً على أن الفرحة للجميع والفوز للجميع والنجاح للجميع.. كانت مناسبة وطنية رائعة، تلاقت فيها المشاعر وتصافحت القلوب، وتشابكت الأيدي بهجة وسروراً بهذا الإنجاز العالمي المستحق.

وكسب العالم العربي، لأن الإمارات العربية المتحدة جزء لا يتجزأ من هذا الوطن العربي المثقل بالهموم والتحديات، فكان نجاح الإمارات وتفوق الإمارات لحظة مضيئة في ليل طويل، وانتصاراً مستحقاً في زمن التراجع والانكسار، ولحظة فخار وعزّ في مرحلة التخاذل واليأس. لقد وصلت رسالة دبي إلى عالمها العربي، بأن النجاح ممكن وأن الازدهار ممكن، كما أن التفوق عالمياً ممكن إذا صدقت النوايا وحسن العمل.

ولقد كسب العالم أيضاً عندما صوت للكفاءة والاقتدار، وعندما منح مدينة العالم فرصة لاستقبال العالم وتنظيم هذه التظاهرة الإنسانية العالمية، لتقدم للإنسانية جمعاء درساً في التخطيط المحكم والتنظيم الجيد والتنفيذ المتقن، الذي يتفوق على أفضل الممارسات العالمية، ليستفيد العالم من خبرة دبي وقدراتها وأساليب عملها، وليعرف إكسبو أن دورة دبي هي أفضل دوراته على الإطلاق.

لقد حققت دبي والإمارات الفوز والانتصار في هذه المنافسة العالمية المنصفة، وتكللت جهود أبناء الإمارات المخلصين بهذه النتيجة المشرفة أمام منافسين عالميين لا تنقصهم القدرة أو الخبرة أو المعرفة أو الموارد، والآن جاء دور العمل الجاد والعطاء اللامحدود، في معركة بناء جديدة يجب أن تتعاون فيها كل الأيدي وتتضافر فيها كل الجهود، لإنجاح هذا الحدث الاستثنائي والتجمع الإنساني، وإبرازه بأبهى حلة وأحسن صورة، لتؤكد دبي للعالم أنها أيقونة الدنيا ومعجزة العالم الجديد.

Email