الإمارات.. من القبيلة إلى الدولة الحديثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استطاعت دولة الإمارات خلال أربعة عقود، أن ترسي أسساً متينة لبنية تحتية على أحدث طراز، وتوفر مجانية التعليم في جميع مراحله حتى ما بعد الجامعة، لنيل الدراسات العليا في كل التخصصات العلمية، سواء داخل الدولة أو خارجها.. دولة وظفت كل من يريد أن يعمل، ووفرت العلاج والرعاية الصحية المجانية لأي مواطن، كما وفرت مياه الشرب النظيفة 100%..

باختصار؛ تعليم مجاني، علاج مجاني، سكن مجاني، وبيئة نظيفة، وعمل مضمون.. يضاف إلى ذلك توسيع أفق الخيارات أمام الناس، بعد أن تحرروا تماماً من الحاجة والحرمان.. وبفضل هذه الإنجازات غير المسبوقة، لم تعرف الإمارات أية اضطرابات أو أفعال خارجة عن القانون أو تهدد الاستقرار والأمن العام..

فنحن والحمد لله نعيش في دولة مكنت المرأة، وقدمت ولاتزال تقدم دعماً سلعياً ومساعدات اجتماعية طالت كل طالب حاجة.. دولة أرست نظاماً عدلياً بالغ الشفافية والنزاهة.. دولة وفرت الضمان الاجتماعي في أحسن صوره. وقد سبق أن أكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في إحدى مناسبات اليوم الوطني لدولة الإمارات، أهمية إطلاق الطاقات البشرية المواطنة، داعياً إلى تعميق مفهوم الأسرة، التي تشكل حجر أساس المجتمع.

تلك الرؤية الثاقبة التي رسمت النهج القويم الذي تسلكه دولتنا الحبيبة، في ظل قيادة رشيدة حققت نجاحات لا يمكن حصرها، نفتخر نحن أبناء الإمارات بها، لأنها تعمق ثقتنا في مسيرة هذا الوطن الغالي، وتعزز الانتماء إلى تراثه وقيمه وتقاليده. فما أنجز في مختلف المجالات، خلال العقود الأربعة الماضية، وهي فترة قصيرة لا تقاس في أعمار الدول والشعوب، ساهم بما لا يدع أي مجال للشك في نماء مجتمعنا وتحصينه بالأمن والأمان، وتوفير سبل العيش الكريم والرخاء لجميع المواطنين في أرجاء وطننا العزيز، من خلال التأكيد على الهوية والانتماء الوطني وتماسك المجتمع.

لقد شهد جميع قطاعات الدولة خلال السنوات الماضية، نقلة نوعية متميزة خلال مسيرة تطورها، ونحن على يقين وثقتنا أكبر بأن السنوات المقبلة ستشهد بفضل جهود راعي المسيرة وإخوانه، المزيد من الإنجازات والتقدم والرخاء للوطن والمواطن، وستعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة عربياً وإقليمياً ودولياً، وستظل رايتها خفاقة في جميع المحافل الدولية.

ونتيجة التطور الكبير ومواكبة المتغيرات في العالم، شهد مجتمع الإمارات تحولات مجتمعية حادة وسريعة، ازدادت وتيرتها خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت لتلك التحولات أسبابها الداخلية والخارجية، وكذلك آثارها الواضحة في بنية المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.

وكانت الأسرة من أكثر المؤسسات التي تأثرت بالتحولات التي طرأت على البنية المجتمعية الأوسع، التي تعد الأسرة أحد مكوناتها الأساسية.

وفي الثاني من ديسمبر 1971، كان تأسيس دولة الاتحاد بداية التحولات المجتمعية، التي نقلت المجتمع من مرحلة القبيلة إلى مرحلة الدولة الحديثة "دولة المؤسسات ذات الأطر والهياكل التشريعية والتنفيذية والقضائية"، التي تهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن والمواطن.

وترتب على قيام دولة الاتحاد اتساع دائرة الوطن، وكذلك حدد دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، مقومات الاتحاد وأهدافه الأساسية وطبيعة السلطات الاتحادية، والحقوق والواجبات المكفولة للمواطنين، وحدد الدعامات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تؤسس مجتمع الدولة الحديثة.. تلك المقومات التي تؤكد على المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.. والتأكيد على أن الأسرة أساس المجتمع وقوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، ويكفل القانون كيانها، ويصونها ويحميها من الانحراف.. وأن التعليم عامل أساسي لتقدم المجتمع، وهو إلزامي في مرحلته الابتدائية ومجاني في كل مراحله.

واحتل العمل أهمية قصوى في المجتمع، وأصبح ركناً أساسياً من أركان تقدمه. وحسب نص الدستور: "يقدر المجتمع العمل كركن أساسي من أركان تقدمه، ويعمل على توفيره للمواطنين وتأهيلهم له، ويهيئ الظروف الملائمة لذلك بما يضعه من تشريعات تصون حقوق العمال ومصالح أرباب العمل، على ضوء التشريعات العمالية العالمية المتطورة".

لذا كان إرساء مقومات الدولة الحديثة بداية انطلاقة نحو تحديث وتطوير المجتمع ذاته، فشرعت الدولة في تنفيذ خطة تنموية عملاقة، ركزت في مراحلها الأولى - عقد السبعينيات ـ على البنية الأساسية، من مشروعات الطرق والمواصلات والمطارات والمباني والمدارس والمستشفيات، حيث ساعدت العوائد النقدية التي وفرها قطاع النفط على تنفيذها، الذي ارتفعت أسعاره بشكل غير مسبوق خلال عقد السبعينيات. كذلك شرعت الدولة بعد ذلك في تنويع مصادر الدخل، والنهوض بالقطاع الصناعي والزراعي. وتوالت الإنجازات في مختلف مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وانعكس ذلك في ارتفاع مستوى المعيشة، والنهضة التعليمية والثقافية، وتغيير نمط الحياة.

وتحول مجتمعنا من مجتمع تقليدي إلى مجتمع الرفاهية، وكان من ثمار ذلك نهضة حضارية وتنموية وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة في مصاف الدول المتقدمة، بفضل جهود قيادتها الرشيدة، التي حققت تنمية بشرية مرتفعة. هكذا كان وسيظل الثاني من ديسمبر نقطة التحول الكبيرة في حياة الأسرة الإماراتية، وكل أبناء الدولة الذين ينعمون بثمرات الاتحاد.. هنيئاً لنا جميعاً، وكل عام وقيادة وحكومة وشعب دولتنا الحبيبة بخير وتقدم وازدهار.

Email