يُقال إنّه بين الماضي، الحاضر والمستقبل حقب من الزمن تتسارع فيها الأحداث وتتكاثر، لترسم خرائط بلدانٍ وتصنع تاريخها. أتساءل هل لقارئ التاريخ أن يعيش في زمن صناعته؟ الجواب المنطقي بالطبع "لا". لكن سوف أطلق العنان لكلماتي لتثبت عكس ذلك، وأنا على إيمان أنّها ليست مهمّة مستحيلة، خاصّة عندما يكون محور الكلام كلمة لا يمكن أن يقربها "المستحيل".. نعم إنّها دبيّ!
دبيّ المجتمع الشاب، والبلد الآمن الّذي يحتضن أكثر من 200 جنسيّة تعيش بتناغم واستقرار. دبيّ الوجهة العالميّة الرائدة للسياحة، إذ تندرج ضمن المدن الأكثر جذباً للسياح وزارها أكثر من 9.3 ملايين زائر خلال العام الماضي. دبي مجتمع الأعمال العالمي ومركز الاستثمار والتجارة، فهي البوابة إلى الأسواق الناشئة ومركز الخدمات اللوجستيّة..
وتعد ثالث أضخم سوق لإعادة التصدير في العالم. دبيّ الّتي تمتاز بمطاراتها المتطوّرة وبناها التحتيّة الاستثنائيّة الّتي تؤمّن التواصل مع العالم، ففي عام 2012 سافر أكثر من 51 مليون راكب من 220 دولة، عبر مطار دبيّ الدولي و150 شركة طيران. دبيّ مستضيفة أكبر الفعاليّات العالميّة مثل:
المنتدى الاقتصادي العالمي، معرض دبيّ للطيران، القمّة العالميّة لطاقة المستقبل، بطولات التنس العالميّة وغيرها. دبيّ منشئة أطول شبكة مترو من دون سائق في العالم. دبيّ أطول برج، أكبر مول، وأهمّ نافورة مياه راقصة في العالم.
إذا كانت كلماتي تكتب في سبيل إثبات وجهة نظر مختلفة، فسأكتفي بهذا القدر، إذ إنّ أيّ قارئ لن يغفل عن أنّه لا يعيش في طور "صناعة التاريخ" فحسب، بل "صناعة المستقبل، الأجيال والإنسان".
وبالحديث عن الإنسان لا بدّ لي أن أستشهد بقول من كتاب "ومضات من فكر" لصاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ: "إنّ دولة الإمارات ليست مركزاً اقتصاديّاً فحسب، وليست محطّة سياحيّة بين الشرق والغرب، بل هي مركزٌ إنسانيٌّ مهمٌّ على الساحة العالميّة".
إنّ إدراك هذا القائد صاحب الرؤية الحكيمة الصائبة لقيمة الإنسان، وتواضعه في التعامل مع شعبه، جعلاه قائداً مميّزاً قلّ مثيله على مستوى العالم. لقد استطاع سموّه أن ينهض ببلده في خضمّ الأزمات العالميّة، ورفع من شأنها إلى أعلى المستويات على الصعد كافّة...
تكثر في الآونة الأخيرة الأحاديث عمّا إذا كانت دبيّ ستفوز باستضافة معرض إكسبو 2020، وهو أضخم حدث عالمي تلتقي فيه ثقافات العالم وتجتمع إبداعاته. أتساءل أيضاً إذا كانت طروحاتي عن دبي قد أثبتت أننا نعاصر كتابة التاريخ، فكيف أثبت أن فوز دبيّ بهذه الاستضافة سوف يمجّد التاريخ وينقش اسم الإمارات في خانة العالميّة؟
ما أجمل أن يُدرج اسمُ بلد عربي في خانة العالميّة! كيف لا، وسيزور دبي أكثر من 25 مليون إنسان خلال ستة أشهر، ليروا خلال المعرض أفضل ما توصل له العقل البشري عبر مختلف أعراقه وثقافاته كافة؟
كيف لا، وستجتمع أفضل عقول العالم لتطرح حلولاً جديدة لتحديات عالمية؟ كيف لا، وسيجتمع أفضل المفكرين والمبدعين لابتكار نماذج عالمية جديدة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة، ولترسيخ الاستقرار المالي عبر اقتصادات العالم. كيف لا؟ وكيف لا؟ وسوف تطول القائمة.
تجدر الإشارة إلى أنّ الملف الإماراتي لاستضافة إكسبو الدولي يحظى بدعم وطني ودولي كبيرين، وأنا على ثقة أنّ دبيّ أكثر من جاهزة لتطبّق شعار المعرض: "تواصل العقول وصنع المستقبل". وتعليقاً على قول صاحب السمو الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم: "لقد حدد تاريخنا قدره بأن نكون أمة عظيمة، ويجب أن يجسد مستقبلنا هذا القدر"، أقول: أنتم أمّة عظيمة وتاريخكم رسم ولا يزال يرسم مستقبل أجيالٍ تنمو على مبادئ الحكمة، الريادة، المبادرة والتقدّم، فقد أصبحتم أمل كلّ شاب وشابّة عربيّة.
إن فازت دبي باستضافة "إكسبو 2020" فسيكون حدثاً لا ينسى ومردوده إيجابياً على الصعد كافة، وإن لم تفز فهي في نظرنا فائزة، فنحن في هذه الإمارة نعيش معرض إكسبو الدوليّ بشكلٍ يومي وعلى مدار السنة، والإنجازات الّتي سبق وذكرتها خير دليل على أنّنا على أرضٍ عربيّة بمعايير عالميّة.
يكفينا أنّ دولة الإمارات العربيّة المتّحدة أفسحت لنا المجال لنشارك في صناعة تاريخها، وفي ترك بصمة على خريطة نجاحاتها وتفوّقها، في وقت تندثر تواريخ الشعوب وتتلاشى في خضّم شرذمة الحروب والانقسامات والفتن في الشرق الأوسط.