نهضة الدول

ت + ت - الحجم الطبيعي

"إن عمق التزامنا تجاه وطننا يحتم علينا خدمة مجتمعنا وتبنّي قضاياه، فالقيادة وكيلة الشعب وواجبها الأول رفعه إلى أعلى المستويات".

محمد بن راشد آل مكتوم

 

لكل دولة تاريخها ولكل نهضة قادتها الذين أسسوا القواعد ووضعوا اللبنّات وقادوا دولهم وشعوبهم نحو الازدهار والتقدم والرقي...

في نهضة كل دولة تجد دائماً قائداً ملهماً ورؤيا وفريق عمل مخلصاً وفعّالاً وأنظمة وقوانين حديثة ومتكاملة. خذ مثلاً سنغافورة التي نفضت عن عاتقها غبار التخلف والفقر والانقسام والطائفية، كان هناك لي كوان يو أبو سنغافورة الحديثة، هذا القائد العبقري الذي حول مدينة إلى دولة وجزيرة معزولة إلى أمة معروفة خلال فترة قصيرة من عمر الزمن لا تزيد على 40 عاماً.

الشيء نفسه ينطبق على ماليزيا مهاتير محمد، ذلك الطبيب الذي دخل عالم السياسة من أوسع الأبواب لينقل ماليزيا المنسية المهمشة والفقيرة إلى مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً خلال عقدين من الزمن معتمداً على العلم والتكنولوجيا وتعزيز ثقافة العمل والمساواة وتشجيع الاستثمار وبناء اقتصاد متعدد النشاطات والقطاعات، لقد استفادت ماليزيا بقيادة مهاتير محمد من تجارب الآخرين ولكنها صنعت بعد ذلك نموذجها الخاص وتجربتها الفريدة..

أما في هذا الجزء من العالم، فقد كان التاريخ وكانت الإمارات على موعد مع فجر جديد ومستقبل واعد ووطن رائد مع قائد ملهم خرج من قلب الصحراء ليصنع أول تجربة وحدوية ناجحة في عالمنا العربي ويضع أسس دولة حديثة ومتقدمة عالمياً بكافة المقاييس والمؤشرات.

جاء المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ورفيق مسيرته المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم - طيب الله ثراهما - في لحظة فارقة من عمر الزمن ليصنعا مجد هذا الوطن ويرسما طريقه الواعد نحو الخير والتقدم والازدهار، وحد زايد القلوب المتفرقة وآلف بين القبائل المتنازعة، وركز على تعليم الإنسان وبناء قدراته مولياً التعليم والصحة الأولوية القصوى التي يستحقانها، كما أعلى قيّم العدل والتسامح والاحترام والمساواة. استفاد القائد زايد من تجارب الأمم وخبرات الشعوب ليبني دولة عالية الأركان قوية البنيان يمتد خيرها ليشمل الإنسانية جمعاء أينما كانت وحيثما وجدت.

وتستمر مسيرة هذه الدولة الفتية بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان - حفظه الله ونائبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رعاه الله نحو المزيد من الخير والرفاه والازدهار ضمن رؤية مستقبلية مستنيرة وتخطيط محكم بعيد المدى وإدارة كفؤة وفعالة وتشريع حديث ومتكامل وبرامج ومبادرات وطنية تنفيذية موجهة لخدمة الوطن والمواطن مع توفير بيئة عمل استثمارية آمنة محفزة على العمل والإبداع، لقد حرص قادة دولة الإمارات العربية المتحدة على توفير الحياة الكريمة الآمنة لكل مواطن ومقيم على تراب الإمارات من خلال بناء منظومة قيّم مجتمعية تؤكد احترام النظام والقانون وتضمن العدل والمساواة وتشجع على العمل والإبداع، مقدمين القدوة الحسنة للآخرين في أدائهم وسلوكهم كقادة ومسؤولين، ولا عجب بعد ذلك أن تحصل دولة الإمارات العربية المتحدة على مراكز عالمية متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية وفي مؤشرات التنمية البشرية التي تصدرها هيئات عالمية متخصصة، لقد كانت هذه النتائج الإيجابية نتاج قدرات قيادية ملهمة وإنجاز شعب طيب طموح.

إني أعتقد مخلصاً أن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة وتجربة قيادتها الملهمة لم تنل حظها كاملاً من التوثيق والشرح والتعريف والتقديم، إنها قصة نجاح حقيقية ونموذج تنموي متفرد وتجربة نهضوية متكاملة، يجب أن تُدرّس وتحلل وتوثق وتشرح وتقدم للأجيال القادمة وللإنسانية جمعاء للاطلاع عليها والاستفادة من دروسها.

رغم شح الموارد وكثرة المعوقات وصعوبات التحديات، فقد سخّر الله لبعض الشعوب قادة أفذاذاً صنعوا مجدهم ورسموا مستقبل أوطانهم وأخذوا بيد شعوبهم نحو الوحدة والطمأنينة والازدهار، بينما ابتلى الله بعض الدول وشعوبها الغنية بثرواتها وقدراتها وحضارتها بقادة طغاة وعدوا شعوبهم بالتقدم والازدهار فأوصلوهم إلى الفقر وشظف الحياة. ووعدوهم بالنصر المؤزر فقادوهم إلى الهزيمة النكراء، وتعهدوا لهم بالحرية والوحدة فساموهم سوء الحياة وساقوهم إلى التناحر الداخلي والحروب الأهلية التي لا تبقي ولا تذر.

وراء كل نجاح قائد ملهم ورؤية مستنيرة وتخطيط فعال وفريق عمل محترف وتنفيذ محكم ومتابعة منتظمة وإعلاء للنظام والقانون، وقيّم سلوكية إيجابية وتناغم مجتمعي بناء واحترام للإنسان وإطلاق لقدراته البشرية التي لا تعرف المستحيل.

Email